﴿وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل (٤) ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ وَلَكِن﴾ وَجه الْجمع بَين هَذَا وَبَين مَا سبق؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن مَعْنَاهُ لَيْسَ الْأَمر كَمَا زعمتم من اجْتِمَاع قلبين لرجل أَو أبوين، وَلَا كَمَا زعمتم من أَن الْمَرْأَة تصير كالأم بالظهار. وَأما معنى الظِّهَار وَحكمه فسنذكر فِي سُورَة المجادلة.
وَقَوله: ﴿وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم﴾ فِي الْآيَة نسخ التبني، وَقد كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يتبنى الرجل ويجعله ابْنا لَهُ مثل الابْن الْمَوْلُود، وعَلى ذَلِك تبنى رَسُول الله زيد بن حَارِثَة، فنسخ الله تَعَالَى ذَلِك.
وَقَوله: ﴿ذَلِكُم قَوْلكُم بأفواهكم﴾ أَي: هُوَ قَول لَا حَقِيقَة لَهُ.
وَقَوله: ﴿وَالله يَقُول الْحق﴾ أَي: قَوْله الْحق بِمَا نهى من التبني.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ يهدي السَّبِيل﴾ أَي: يرشد إِلَى طَرِيق الْحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ قد ثَبت بِرِوَايَة مُوسَى بن عقبَة، عَن سَالم، عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: " مَا كُنَّا نَدْعُو زيد بن حَارِثَة إِلَّا زيد بن مُحَمَّد حَتَّى أنزل الله تَعَالَى: ﴿ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ ".
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بذلك مكي بن عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا أَبُو الْهَيْثَم، أخبرنَا الْفربرِي، أخبرنَا البُخَارِيّ أخبرنَا مُعلى بن أَسد، عَن عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار عَن مُوسَى ابْن عقبَة.. الحَدِيث.
وَقَوله: ﴿هُوَ أقسط عِنْد الله﴾ أَي: أعدل عِنْد الله.
وَقَوله: ﴿فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين﴾ أَي: سموهم بأسماء إخْوَانكُمْ فِي الدّين، وَذَلِكَ مثل، عبد الله، وَعبد الْكَرِيم، وَعبد الرَّحْمَن، وَعبد الْعَزِيز، وَأَشْبَاه ذَلِك.


الصفحة التالية
Icon