﴿أَلِيمًا (٨) يَا أَيهَا وَا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فارسلنا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم﴾ كَأَنَّهُمْ سرج تزهو، وَأخذ عَلَيْهِم الْمِيثَاق. وَعَن بَعضهم: خلق الْأَرْوَاح قبل الأجساد، وَأخذ الْمِيثَاق على الْأَرْوَاح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ليسأل الصَّادِقين عَن صدقهم﴾ أَي: ليسأل النَّبِيين عَن تبليغهم الرسَالَة، فَإِن قَالَ قَائِل: وَأي حِكْمَة فِي سُؤَالهمْ عَن تَبْلِيغ الرسَالَة؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: الْحِكْمَة فِي ذَلِك تبكيت الَّذين أرْسلُوا إِلَيْهِم، وعَلى هَذَا الْمَعْنى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾.
وَيُقَال: ليسأل الصَّادِقين عَن عَمَلهم لله، وَقيل: ليسأل الصَّادِقين بأفواههم عَن صدقهم فِي قُلُوبهم.
وَقَوله: ﴿وَأعد للْكَافِرِينَ عذَابا أَلِيمًا﴾ قد تمّ الْكَلَام الأول، وَهَذَا ابْتِدَاء كَلَام، وَمَعْنَاهُ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم﴾ أى: منَّة الله عَلَيْكُم.
وَقَوله: ﴿إِذْ جاءتكم جنود﴾ المُرَاد من الْجنُود هم الْأَحْزَاب الَّذين تحزبوا على رَسُول الله وهم: قُرَيْش عَلَيْهِم أَبُو سُفْيَان، وَأسد عَلَيْهِم طليحة بن (خويلد)، وغَطَفَان عَلَيْهِم عُيَيْنَة بن حصن، وَكَانَت عدتهمْ بلغت اثْنَي عشر ألفا، (وَرَئِيس الْجَمَاعَة) أَبُو سُفْيَان، وقصدوا استئصال النَّبِي وَأَصْحَابه، وَدخل يهود قُرَيْظَة مَعَهم وَأمرهمْ مَعَهم، وَنَقَضُوا الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين النَّبِي فِي قصَّة طَوِيلَة؛ فَلَمَّا بلغ النَّبِي أَمرهم حفر الخَنْدَق حول الْمَدِينَة، [وَهَذِه هِيَ] غَزْوَة الخَنْدَق وَجمع الْأَحْزَاب.


الصفحة التالية
Icon