﴿تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرًا (٩) إِذْ جاءوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا (١٠) هُنَالك ابْتُلِيَ﴾
وَقَوله: ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الله تَعَالَى أرسل عَلَيْهِم ريح الصِّبَا حَتَّى هزمتهم، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " نصرت بالصبا، وأهلكت عَاد، بالدبور ". وَكَانَت الرّيح تقلع فساطيطهم، وتقلب قدورهم، وتسف التُّرَاب فِي وُجُوههم، وجالت خيلهم بَعْضًا فِي بعض؛ فَانْهَزَمُوا ومروا، وَكفى الله أَمرهم.
وَقَوله: ﴿وجنودا لم تَرَوْهَا﴾ أَي: الْمَلَائِكَة.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرًا﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ جاءوكم من فَوْقكُم﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الَّذين جَاءُوا من فَوْقهم هم أَسد وغَطَفَان.
وَقَوله: ﴿وَمن أَسْفَل مِنْكُم﴾ هم قُرَيْش وكنانة. وَيُقَال: الَّذين جَاءُوا من فَوْقهم قُرَيْظَة، وَمن أَسْفَل مِنْكُم قُرَيْش وغَطَفَان.
وَقَوله: ﴿وَإِذ زاغت الْأَبْصَار﴾ أَي: شخصت الْأَبْصَار، وَفِي الْعَرَبيَّة معنى زاغت: مَالَتْ، فَكَأَنَّهَا مَالَتْ شاخصة، فَهَذَا من الرعب وَالْخَوْف.
وَقَوله: ﴿وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر﴾ أَي: بنت عَن أماكنها وَارْتَفَعت، قَالَ قَتَادَة: لَو وجدت مسلكها لَخَرَجت من الْحَنَاجِر، وَلكنهَا ضَاقَتْ عَلَيْهَا. وَالأَصَح من الْمَعْنى أَن هَذَا على طَرِيق التَّمْثِيل، وَالْعرب تَقول: بلغ قلب فلَان حنجرته، أَي: من الرعب وَالْخَوْف والحنجرة حرف الْحُلْقُوم وَهُوَ كلمة عبارَة عَن شدَّة الْفَزع.
وَقَوله: ﴿وتظنون بِاللَّه الظنونا﴾ أَي: وَدخلت الْألف لموافقة (أَوَاخِر) الْآيَات فِي السُّورَة.


الصفحة التالية
Icon