﴿الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالا شَدِيدا (١١) وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ الَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا (١٢) وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم﴾
قَالَ الشَّاعِر:

(أقلى اللوم عاذل والعتابا وَقَوْلِي إِن أصبت لقد أصابا)
أَي: أقلى يَا عاذلي اللوم والعتاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُنَالك ابتلى الْمُؤْمِنُونَ﴾ هُنَالك فِي اللُّغَة للبعيد، وَهنا للقريب، وَهُنَاكَ للوسط، وَمعنى هُنَالك هَا هُنَا أَي: عِنْد ذَلِك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ.
وَقَوله: ﴿وزلزلوا زلزالا شَدِيدا﴾ أَي: حركوا حَرَكَة شَدِيدَة، وَقُرِئَ: " زلزالا " بِفَتْح الزَّاي، وَالْأَشْهر بِكَسْر الزَّاي " زلزالا "، وَهُوَ الْأَصَح فِي الْعَرَبيَّة. وَمن الْأَخْبَار الْمَشْهُورَة: أَن رجلا قَالَ لِحُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: رَأَيْت رَسُول الله وصحبته، وَالله لَو رَأَيْنَاهُ حملناه على أعناقنا. فَقَالَ حُذَيْفَة: أخْبرك أَيهَا الرجل أَنا كُنَّا مَعَ رَسُول الله فِي غَزْوَة الخَنْدَق، فَبلغ بِنَا الْجهد والجوع وَالْخَوْف مَا الله بِهِ أعلم، فَقَالَ رَسُول الله من مِنْكُم يذهب فَيَأْتِي بِخَبَر الْقَوْم، وَالله يَجعله رفيقي فِي الْجنَّة؟ فَمَا أَجَابَهُ منا أحد من شدَّة الْأَمر، ثمَّ قَالَ ثَانِيًا، فَمَا أَجَابَهُ منا أحد، ثمَّ قَالَ ثَالِثا، فَمَا أَجَابَهُ منا أحد فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة، فَلم أستطع أَن لَا أُجِيب فَجِئْته، فَقَالَ: اذْهَبْ وأتنى بِخَبَر الْقَوْم، وَلَا تحدثن أمرا حَتَّى تَأتِينِي، وَدَعَانِي فَذَهَبت، وأتيته بِخَبَر الْقَوْم فِي قصَّة.. ".
وَإِنَّمَا أَرَادَ حُذَيْفَة بِهَذِهِ الرِّوَايَة أَن لَا يتَمَنَّى ذَلِك الرجل مَا لم يُدْرِكهُ، فَلَعَلَّهُ لَا يصبر على الْبلوى إِن أَدْرَكته.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا﴾ اخْتلفُوا فِي الْقَائِل لهَذَا القَوْل، قَالَ بَعضهم: هُوَ أَوْس بن قيظي، وَقَالَ


الصفحة التالية
Icon