( ﴿١٥) قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت أَو الْقَتْل وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا (١٦) قل من ذَا الَّذِي يعصمكم من الله إِن أَرَادَ بكم سوءا أَو أَرَادَ بكم رَحْمَة وَلَا يَجدونَ لَهُم من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا (١٧) قد يعلم الله المعوقين مِنْكُن والقائلين﴾ الدبر، أَي: لَا ينهزمون. وَذكر مقَاتل وَغَيره أَن هَذَا فِي الَّذين بَايعُوا مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الْعقبَة، وَقَالُوا: يَا رسوا الله، اشْترط لِرَبِّك، فَقَالَ: أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، فَقَالُوا: اشْترط لنَفسك. فَقَالَ: أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ أَنفسكُم وَأَوْلَادكُمْ " وَكَانَ الَّذين بَايعُوا لَيْلَة الْعقبَة [سبعين] نَفرا، وَأول من بَايع أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان، وَهَذَا القَوْل لَيْسَ بِمَرَض؛ لِأَن أَصْحَاب الْعقبَة لم يكن فيهم شَاك، وَلَا من يَقُول مثل هَذَا القَوْل، وَإِنَّمَا الْآيَة فِي قوم عَاهَدُوا أَن يقاتلوا وَلَا يَفروا حَتَّى يقتلُوا وَنَقَضُوا الْعَهْد.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ عهد الله مسئولا﴾ أَي: مسئولا عَنهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت الْمَوْت أَو الْقَتْل﴾ يَعْنِي: أَن الْأَجَل يدرككم فِي وقته.
وَقَوله: ﴿وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا﴾ مَعْنَاهُ: إِلَى مُنْتَهى آجالكم، وَفِي بعض الحكايات: أَن رجلا انهزم [فِي] بعض الحروب، فَكَانَ يلام على ذَلِك، وَيقْرَأ عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة ﴿قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت أَو الْقَتْل إِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا﴾ فَقَالَ: ذَلِك الْقَلِيل أطلب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل من ذَا الَّذِي يعصمكم من الله﴾ أَي: يجيركم ويمنعكم.
وَقَوله: ﴿إِن أَرَادَ بكم سوءا﴾ أَي: الْهَزِيمَة وظفر عَدوكُمْ بكم.
وَقَوله: ﴿أَو أَرَادَ بكم رَحْمَة﴾ أَي: خيرا ونصرة.
وَقَوله: ﴿وَلَا يَجدونَ لَهُم من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا﴾ أَي: قَرِيبا يَنْفَعهُمْ، وناصرا يمنعهُم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم﴾ يُقَال: عاقه واعتاقه وعوقه إِذا صرفه


الصفحة التالية
Icon