﴿لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْم الآخر وَذكر الله كثيرا (٢١) وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله﴾ يُقَاتلُون شَيْئا يَسِيرا يُقِيمُونَ بِهِ عذرهمْ، فَيَقُولُونَ قد قاتلنا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة﴾ أَي: قدوة حَسَنَة، والتأسي: هُوَ الإقتداء، وَإِنَّمَا ذكر الأسوة هَا هُنَا حَتَّى ينصرُوا (ويقومون) ويصبروا على مَا يصيبهم، كَمَا فعل رَسُول الله فَإِنَّهُ كسرت رباعيته يَوْم أحد، وشج فِي جَبهته، وَكسرت الْبَيْضَة على رَأسه، وَقتل عَمه فَلم يفتر فِي أَمر الله، وصبر على جَمِيع ذَلِك.
وَقَوله: ﴿لمن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْم الآخر﴾ أَي: يَرْجُو ثَوَاب الله، وَقيل: لمن كَانَ يخْشَى الله وَالْيَوْم الآخر، والرجاء يكون بِمَعْنى الخشية، وَقد يكون بِمَعْنى الطمع.
وَقَوله: ﴿وَذكر الله كثيرا﴾ أَي: فِي جَمِيع المواطن على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله﴾ قَالَ قَتَادَة: معنى هَذِه الْآيَة رَاجع إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة: ﴿أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله﴾ وَالْآيَة تَتَضَمَّن أَن الْمُؤمنِينَ يلقاهم ويستقبلهم مثل هَذَا الْبلَاء، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك يَوْم الخَنْدَق قَالُوا: هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله.
وَعَن بَعضهم أَن النَّبِي قَالَ لأَصْحَابه: " إِن الْمُشْركين سائرون إِلَيْكُم فنازلون بكم عشرا " أَو كَمَا قَالَ فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب [قَالُوا: هَذَا مَا وعدنا الله


الصفحة التالية
Icon