﴿عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر وَمَا بدلُوا تبديلا (٢٣) ليجزي الله الصَّادِقين بصدقهم ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما (٢٤) ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم لم ينالوا خيرا وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَكَانَ﴾
يَعْنِي: من الْمُؤمنِينَ من بَقِي بعد هَؤُلَاءِ الَّذين اسْتشْهدُوا، وهم ينتظرون أحد الْأَمريْنِ إِمَّا الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله وَإِمَّا الظفر، وأنشدوا فِي النحب شعرًا:

(قضى نحب الْحَيَاة وكل حَيّ إِذا يَدعِي لميتته أجابا)
وَمن الْمَعْرُوف أَيْضا أَن النحب هُوَ الْخطر الْعَظِيم. قَالَ جرير فِي النحب:
(بطخفة جالدنا الْمُلُوك وخلينا عَشِيَّة بسطَام جرين على نحب)
أَي: على الْخطر الْعَظِيم
وَقَوله: ﴿وَمَا بدلُوا تبديلا﴾ أَي: لم يتْركُوا مَا قبلوه وعاهدوا عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ليجزي الله الصَّادِقين بصدقهم﴾ أَي: جَزَاء صدقهم، وَصدقهمْ هُوَ وفاؤهم بالعهد.
وَقَوله: ﴿ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم﴾ فيهديهم للْإيمَان.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما﴾ أَي: ستورا عطوفا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم﴾ أَي: ردهم وَلم يشتفوا من مُحَمَّد وَأَصْحَابه، وَقد كَانُوا قصدُوا قصد الإستئصال.
وَقَوله: ﴿لم ينالوا﴾ أَي: لم يظفروا بِمَا أَرَادوا.
وَقَوله: ﴿ [خيرا] وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال﴾ أَي: بِمَا أرسل من الرّيح عَلَيْهِم، وَفِي بعض الرِّوَايَات الغريبة عَن ابْن عَبَّاس: وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال أَي: لعَلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَقد كَانَ قتل عَمْرو بن عبدود فِي ذَلِك الْيَوْم، وَكَانَ رَأْسا من رُءُوس الْكفَّار كَبِيرا فيهم، وضربه عَمْرو بن عبدود فِي ذَلِك الْيَوْم على رَأسه


الصفحة التالية
Icon