﴿ذَلِك على الله يَسِيرا (٣٠) وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا﴾
وَقَوله: ﴿أجرا عَظِيما﴾ وَفِي التَّفْسِير: أَن الله تَعَالَى خيرهن بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَبَين الْجنَّة وَالنَّار، فاخترن الْآخِرَة على الدُّنْيَا، وَالْجنَّة على النَّار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة﴾ فَإِن قيل: أيدل هَذَا الْخطاب على أَن مِنْهُنَّ من أَتَت بِفَاحِشَة أَو تَأتي بِفَاحِشَة؟ قُلْنَا: لَا، كَمَا أَن الله تَعَالَى قَالَ للنَّبِي: ﴿لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك﴾ وَهَذَا لَا يدل على أَنه قد أَتَى بشرك أَو يَأْتِي.
جَوَاب آخر: أَنه قد حكى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الْفَاحِشَة هَا هُنَا بِمَعْنى النُّشُوز وَسُوء الْخلق.
وَقَوله: ﴿يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين﴾ وَقُرِئَ: " يضعف " من التَّضْعِيف، وَقُرِئَ: " نضعف " بالنُّون، فَقَوله ﴿نضعف﴾ بالنُّون ظَاهر الْمَعْنى، وَهُوَ نِسْبَة الْفِعْل إِلَى نَفسه، وَقَوله: " يضعف " و " يُضَاعف " خبر.
وَقَوله: ﴿ضعفين من الْعَذَاب﴾ أَي: مثلي عَذَاب غَيرهَا، فَإِن قيل: وَلم تسْتَحقّ مثلي عَذَاب غَيرهَا؟ قُلْنَا: لشرف حَالهَا بِصُحْبَة النَّبِي، وَهَذَا كَمَا أَن الْحرَّة تحد مثلي حد الْأمة لشرف حَالهَا. وَقد اسْتدلَّ أَبُو بكر الْفَارِسِي فِي أَحْكَام الْقُرْآن بِهَذِهِ الْآيَة على أَنَّهُنَّ أشرف نسَاء الْعَالم.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا﴾ أَي: هينا، وَقد ذكر بَعضهم أَن قَوْله: ﴿يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب﴾ يقتضى ثَلَاثَة أعذبة؛ لِأَن ضعف الْوَاحِد مثلاه، وَالأَصَح هُوَ الأول.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله﴾ الْقُنُوت هُوَ المداومة على الطَّاعَة، وَمِنْه الْقُنُوت فِي الصَّلَاة، وَهُوَ المداومة على الدُّعَاء.
وَقَوله: ﴿وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ﴾ أَي: مثلي أجر غَيرهَا، وَهَذَا على


الصفحة التالية
Icon