بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير (١) يعلم مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج﴾تَفْسِير سُورَة سبأ
وَهِي مَكِّيَّة.
﴿الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السموت وَمَا فِي الأَرْض﴾ أَي: لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَيُقَال: خلق مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض.
وَقَوله: ﴿وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ لَهُ الْحَمد فِي الأولى وَالْآخِرَة على مَا قَالَ فِي مَوضِع آخر. وَفِي الأولى وَالْآخِرَة وَجْهَان: أَحدهمَا: أَنَّهُمَا الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالْآخر: أَنَّهُمَا السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة﴾ وَهُوَ مَا جَاءَ من ذكر الْحَمد عَن أهل الْجنَّة، وَهُوَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين﴾، وَفِي قَوْله: ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾، وَفِي قَوْله: ﴿الْحَمد لله الَّذِي صدقنا وعده﴾.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير﴾ أَي: الْحَكِيم فِي ملكه، الْخَبِير بخلقه.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿يعلم مَا يلج فِي الأَرْض﴾ أَي: يدْخل فِيهَا من الْمَطَر.
وَقَوله: ﴿وَمَا يخرج مِنْهَا﴾ أَي: من الزَّرْع، وَيُقَال: إِن المُرَاد مِنْهُ الْأَمْوَات يدْخلُونَ إِذا قبروا، وَيخرجُونَ إِذا حشروا.
وَقَوله: ﴿وَمَا ينزل من السَّمَاء﴾ أَي: من الْمَطَر وَالْمَلَائِكَة وَالْأَحْكَام والأقضية.
وَقَوله: ﴿وَمَا يعرج فِيهَا﴾ أَي: يصعد إِلَيْهَا من الْمَلَائِكَة والأعمال والأدعية