﴿لنعلم من يُؤمن بِالآخِرَة مِمَّن هُوَ مِنْهَا فِي شكّ وَرَبك على كل شَيْء حفيظ (٢١) قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض وَمَا﴾
وَأما قِرَاءَة التَّخْفِيف فَمَعْنَاه: صدق عَلَيْهِم فِي ظَنّه.
وَقَوله: ﴿فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريقا من الْمُؤمنِينَ﴾ يَعْنِي: إِلَّا كل الْمُؤمنِينَ، هَكَذَا قَالَه أَكثر أهل التَّفْسِير؛ لِأَن الْمُؤمنِينَ لم يتبعوه فِي أصل الدّين، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان﴾ يَعْنِي: الْمُؤمنِينَ وَعَن بَعضهم: إِلَّا فريقا من الْمُؤمنِينَ: خَواص الْمُؤمنِينَ؛ وهم الَّذين يطيعون الله وَلَا يعصونه.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: وَالله إِنَّه لم يسل عَلَيْهِم سَيْفا وَلَا ضَربهمْ بِسَوْط، وَإِنَّمَا وعدهم ومناهم فاغتروا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم من سُلْطَان﴾ أَي: من سُلْطَان على الْمُؤمنِينَ.
وَقَوله: ﴿إِلَّا لنعلم﴾ مَعْنَاهُ: لكَي نعلم ﴿من يُؤمن بِالآخِرَة مِمَّن هُوَ مِنْهَا فِي شكّ﴾ أَي: لنعلم الْمُؤمن من الْكَافِر علم وُقُوع، وَقد علم علم الْغَيْب، وَقد بَينا هَذَا من قبل. قَالَ ابْن فَارس: هَذَا على عَادَة كَلَام الْعَرَب مَعَ الجهلة، فَإنَّك لَو قلت: السكين تقطع اللَّحْم، أَو اللَّحْم يقطع السكين، وَقد علم قطعا أَن السكين هُوَ الَّذِي يقطع اللَّحْم، وَلَكِن يخرج الْكَلَام على خطاب الْجَاهِل، وَتَقْرِير الْأَمر لَهُ.
وَقَوله: ﴿وَرَبك على كل شَيْء حفيظ﴾ أَي: رَقِيب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله﴾ أَي: الَّذين زعمتم [أَنهم] آلِهَة من دون الله. وَفِي الْآيَة حذف، والمحذوف ادعوهُمْ ليكشفوا عَنْكُم الضّر الَّذِي نزل بكم، وَذَلِكَ فِي سني الْجُوع، وَكَانَ الله تَعَالَى ضَربهمْ بِالْجُوعِ حَتَّى أكلُوا الميتات يَعْنِي قُرَيْش ثمَّ قَالَ: ﴿لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة﴾ أَي: الْأَصْنَام لَا تملك مِثْقَال ذرة أَي: وزن ذرة من النَّفْع والضر، والذرة هِيَ النملة الْحَمْرَاء.