﴿وَربَاع يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء إِن الله على كل شَيْء قدير (١) مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا وَمَا يمسك فَلَا مُرْسل لَهُ من بعده وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم (٢) يَا﴾ السَّمَاء شرفه وَرَفعه، وَذَلِكَ فِي الْخَبَر مَا شَاءَ الله من عظمه، فَهُوَ يسبح الله تَعَالَى، فَمَا ينْطق بتسبيحه إِلَّا خلق الله تَعَالَى مِنْهَا ملكا.
وَقَوله: ﴿يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء﴾ أظهر الْأَقَاوِيل: أَن الله تَعَالَى يزِيد فِي خلق الْمَلَائِكَة وأجنحتهم مَا يَشَاء على مَا ذكرنَا. وَعَن قَتَادَة قَالَ: يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء: هُوَ الملاحة فِي الْعَيْش. وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ: هُوَ حسن الصَّوْت. وَحكى النقاش فِي تَفْسِيره: أَنه الشّعْر الْجَعْد. وَعَن بعض التفاسير: أَنه زِيَادَة الْعقل والتمييز. وَعَن بَعضهم: هُوَ الْعلم بالصناعات.
وَقَوله: ﴿إِن الله على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا﴾ أَي: من رزق وغيث. وَقيل: من عَافِيَة ﴿فَلَا مُمْسك لَهَا﴾ أَي: لَا حَابِس لَهَا.
وَقَوله: ﴿وَمَا يمسك فَلَا مُرْسل لَهُ من بعده﴾ أَي: مَا يمْنَع فَلَا مُرْسل لَهُ من بعد الله أَي: سوى الله وَقد ثَبت أَن النَّبِي كَانَ يَقُول عقيب صَلَاة الْفَرِيضَة: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد ".
وَثَبت هَذِه اللَّفْظَة عَنهُ أَنه قَالَهَا فِي الْقيام بَين الرُّكُوع وَالسُّجُود.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ أَي: الْغَالِب فِي ملكة (الْجَحِيم فِي تَدْبِير خلقه).
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّاس اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم﴾ أَي: منَّة الله عَلَيْكُم.
﴿أَيهَا النَّاس اذْكروا نعمت الله عَلَيْكُم هَل من خَالق غير الله يرزقكم من السَّمَاء وَالْأَرْض لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تؤفكون (٣) وَإِن يُكذِّبُوك فقد كذبت رسل من قبلك وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور (٤) يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور (٥) إِن الشَّيْطَان لكم عَدو فاتخذوه عدوا إِنَّمَا يَدْعُو حزبه ليكونوا من﴾
وَقَوله: ﴿هَل من خَالق غير الله﴾ اسْتِفْهَام على وَجه التَّقْرِير، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا خَالق غير الله.
وَقَوله: ﴿يرزقكم من السَّمَاء وَالْأَرْض﴾ أَي: من السَّمَاء الْمَطَر، وَمن الأَرْض النَّبَات.
وَقَوله: ﴿لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تؤفكون﴾ أَي: تصرفون عَن الْحق.
وَقَوله: ﴿وَإِن يُكذِّبُوك فقد كذبت رسل من قبلك وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور﴾ أَي: ترد الْأُمُور.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق﴾ يَعْنِي: وعد الْقِيَامَة حق.
وَقَوله: ﴿فَلَا [تغرنكم] الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ وَفِي الْأَثر: أَن الله تَعَالَى مَا أعطي أحدا شَيْئا من الدُّنْيَا إِلَّا اغْتِرَارًا، وَمَا زوى من أحد شَيْئا من الدُّنْيَا إِلَّا اختبارا.
وَقَوله: ﴿وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور﴾ أَي: لَا يَغُرنكُمْ الْغرُور، وَهُوَ الشَّيْطَان. قَالَ الْحسن: من الْغرُور أَن تعْمل الْمعْصِيَة، وتتنمى على الله الْمَغْفِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الشَّيْطَان لكم عَدو فاتخذوه عدوا﴾ أَي: عادوه بِطَاعَة الله.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حزبه﴾ أَي: أَتْبَاعه.
وَقَوله: ﴿ليكونوا من أَصْحَاب السعير﴾ أَي: ليكونوا فِي السعير، والسعير هُوَ النَّار المتوقدة.


الصفحة التالية
Icon