﴿وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما (٧٠) وَمن تَابَ وَعمل صَالحا فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى الله متابا (٧١) وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور
وَقد قَالَ بَعضهم: إِن الله يمحو بالندم جَمِيع السَّيِّئَات، ثمَّ يثبت مَكَان كل سَيِّئَة حَسَنَة.
وَقَوله: {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما﴾
قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن تَابَ وَعمل صَالحا﴾ قَالَ بعض أهل الْعلم: هَذَا فِي التَّوْبَة عَن غير مَا سبق ذكره، وَأما التَّوْبَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الأولى، فَهِيَ عَمَّا سبق ذكره من الْكَبَائِر.
وَقَالَ بَعضهم: هَذِه الْآيَة وَارِدَة أَيْضا فِي التَّوْبَة عَن جَمِيع السَّيِّئَات، وَمَعْنَاهَا على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن معنى الْآيَة: وَمن أَرَادَ التَّوْبَة وعزم عَلَيْهَا فليتب لوجه الله تَعَالَى، وَلَا يَنْبَغِي أَن يُرِيد غَيره، كَالرّجلِ يَقُول: من اتّجر فليتجر فِي الْبر، وَمن نَاظر فليناظر فِي الْفِقْه، فَيكون قَوْله: ﴿فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى الله متابا﴾ على هَذَا القَوْل خَبرا بِمَعْنى الْأَمر، أَي: تب إِلَى الله تَوْبَة، وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن معنى الْآيَة: من تَابَ فَليعلم أَن تَوْبَته إِلَى الله ومصيره إِلَيْهِ وثوابه مِنْهُ، كَالرّجلِ يَقُول لغيره: إِذا كلمت الْأَمِير فَاعْلَم أَنه أَمِير، وَإِذا كلمت أَبَاك فَاعْلَم أَنه أَبوك.
قَوْله: ﴿وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور﴾ أَي: الشّرك، وَمَعْنَاهُ: لَا يشْهدُونَ شَهَادَة الشّرك، وَيُقَال: الْكَذِب. وَعَن مُحَمَّد بن الحنيفة: الْغناء، [و] هُوَ قَول مُجَاهِد.
(وَعَن بَعضهم) : الْغناء رقية الزِّنَا. وَقَالَ بعض أهل السّلف: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب. وَقيل: لَا يشْهدُونَ الزُّور أَي: أعياد الْكفَّار، وَقيل: النوح.
وَقَوله: ﴿وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراما﴾ أَي: مروا معرضين كَمَا يمر الْكِرَام، وَقيل: أكْرمُوا أنفسهم عَن الدُّخُول فِيهِ. قَالَ الْحسن: اللَّغْو هُوَ الْمعاصِي كلهَا.
وَقَالَ عَمْرو بن قيس: مجْلِس الْخَنَا. واللغو فِي اللُّغَة كل مَا هُوَ بَاطِل، وَلَا يُفِيد فَائِدَة.


الصفحة التالية
Icon