﴿ذَلِك على الله يسير (١١) وَمَا يَسْتَوِي البحران هَذَا عذب فرات سَائِغ شرابه وَهَذَا ملح أجاج وَمن كل تَأْكُلُونَ لَحْمًا طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وَترى الْفلك فِيهِ﴾ هَذَا الْوَجْه، وَيُرَاد بِهِ غير الأول، وَهَذَا كَمَا أَن الرجل يَقُول: عِنْدِي دِرْهَم وَنصفه أَي: نصف دِرْهَم آخر، أوردهُ الزّجاج وَغَيره. وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره﴾ هُوَ منصرف إِلَى الأول. قَالَ كَعْب الْأَحْبَار حِين حضرا [عمر] الْوَفَاة: وَالله لَو دَعَا عمر ربه أَن يُؤَخر أَجله لأخره، فَقَالُوا لَهُ: إِن الله يَقُول: ﴿فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾. فَقَالَ: هَذَا إِذا حَضَره الْأَجَل، فَأَما قبل ذَلِك فَيجوز أَن يُزَاد وَينْقص، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة. وَذكر بَعضهم: أَن مِثَال هَذَا أَن الله تَعَالَى يكْتب أَن عمر فلَان مائَة سنة إِن أَطَاعَنِي، وعمره خَمْسُونَ أَو سِتُّونَ إِن عَصَانِي، وَهَذَا جَائِز.
وَقَوله: ﴿إِلَّا فِي كتاب﴾ مَعْنَاهُ: إِلَّا وَهُوَ مَكْتُوب فِي كتاب. وَفِي التَّفْسِير أَن الله تَعَالَى يكْتب أجل العَبْد فِي كتاب، ثمَّ يكْتب فِي كتاب (آخر) : قد انْتقصَ من عمره يَوْم، شهر، سنة، إِلَى أَن يسْتَوْفى أَجله. وَذكر بَعضهم أَنه يكْتب تَحت ذَلِك الْكتاب الأول.
وَقَوله: ﴿إِن ذَلِك على الله يسير﴾ أَي: هَين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي البحران هَذَا عذب فرات﴾ أَي: شَدِيد العذوبة.
وَقَوله: ﴿سَائِغ شرابه﴾ أَي: سهل الْمدْخل.
وَقَوله: ﴿وَهَذَا ملح أجاج﴾ أَي: ملح شَدِيد الملوحة. وَفِي الْآيَة بَيَان الْقُدْرَة فِي خلق المَاء العذب والأجاج.
وَقَوله: ﴿وَمن كل تَأْكُلُونَ لَحْمًا طريا﴾ أَي: الْحيتَان.
وَقَوله: ﴿وتستخرجون حلية تلبسونها﴾ الدّرّ والمرجان والجواهر. قَالَ عِكْرِمَة: مَا


الصفحة التالية
Icon