﴿يذهبكم وَيَأْتِ بِخلق جَدِيد (١٦) وَمَا ذَلِك على الله بعزيز (١٧) وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء وَلَو كَانَ ذَا قربى إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَمن تزكّى فَإِنَّمَا يتزكى لنَفسِهِ وَإِلَى الله الْمصير (١٨) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير (١٩) وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور (٢٠) وَلَا الظل وَلَا﴾
وَقَوله: ﴿لَا يحمل مِنْهُ شَيْء وَلَو كَانَ ذَا قربى﴾ أَي: لَا يجد من يحمل عَنهُ، وَإِن كَانَ الْمَدْعُو قَرِيبا أَبَا أَو أَبنَاء. وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: إِن الرجل (يلقِي) يَوْم الْقِيَامَة أَبَاهُ أَو ابْنه، فَيَقُول: احْمِلْ عني بعض ذُنُوبِي، فَيَقُول: لَا أَسْتَطِيع، حسبي مَا عَليّ. وَفِي بعض التفاسير: أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي قَالَ لمن اسْلَمْ من بني مَخْزُوم: ارْجعُوا عَن الْإِسْلَام، وَأَنا أحمل ذنوبكم يَوْم الْقِيَامَة إِن خِفْتُمْ من الذُّنُوب؛ فَانْزِل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ﴾ قد بَينا الخشية بِالْغَيْبِ.
وَقَوله: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَمن تزكّى فَإِنَّمَا يتزكى لنَفسِهِ﴾ معنى التزكي هَا هُنَا هُوَ الْعَمَل الصَّالح.
وَقَوله: ﴿وَإِلَى الله الْمصير﴾ أَي: الْمرجع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير﴾ معنى الْأَعْمَى: عَن الْهدى، والبصير بِالْهدى. وَعَن بَعضهم: الْأَعْمَى عَن الْحق، والبصير بِالْحَقِّ.
وَقَوله: ﴿وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور﴾ والظلمات هِيَ الضلالات ﴿وَلَا النُّور﴾ هُوَ الْهِدَايَة وَالْبَيَان من الله تَعَالَى. وَقيل: هَذَا تَمْثِيل الْكفْر وَالْإِيمَان.
وَقَوله: ﴿وَلَا الظل وَلَا الحرور﴾ أَي: الْجنَّة وَالنَّار. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الحرور يكون بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْس. وَعَن غَيره: السمُوم بِالنَّهَارِ، والحرور بِاللَّيْلِ. وَعَن بَعضهم: الحرور هُوَ الْحر الدَّائِم لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا، قَالَ الشَّاعِر: