﴿فهم لَا يبصرون (٩) وَسَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ (١٠) إِنَّمَا تنذر من اتبع الذّكر وخشي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فبشره بمغفرة وَأجر كريم (١١) إِنَّا نَحن﴾ سَبِيل الله. وَالْمعْنَى من السد هُوَ الْمَنْع من الْهِدَايَة. وَذكر بَعضهم: أَن الْآيَة نزلت على سَبَب، وَهُوَ أَن قوما من بني مَخْزُوم تشاوروا فِي قتل النَّبِي، فجَاء أحدهم ليَقْتُلهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة؛ فَجعل يسمع صَوته وَلَا يرى شخصه، وَجَاء آخر فَرَأى شَيْئا عَظِيما يَقْصِدهُ بِالْهَلَاكِ، فخاف وَرجع، وَيُقَال: إِن الثَّانِي كَانَ أَبُو جهل عَلَيْهِ لعنة الله، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة فِي هَذَا، وَهُوَ قَوْله " ﴿وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا﴾.
وَقَوله: ﴿فأغشيناهم﴾ من التغشية والتغطية، وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَعمر بن عبد الْعَزِيز " فأغشيناهم " بِالْعينِ غير الْمُعْجَمَة، من قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا [فَهُوَ لَهُ قرين] ﴾ أَي: تعمى، فَمَعْنَى قَوْله: [ ﴿أغشيناهم﴾ ] أَي: أعميناهم.
وَقَوله: ﴿فهم لَا يبصرون﴾ أى: طَرِيق الْحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَسَوَاء عَلَيْهِم أانذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ﴾ هَذَا فِي أَقوام بأعيانهم، وَقد مضوا وَلم يُؤمنُوا على مَا قَالَ الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا تنذر من اتبع الذّكر﴾ أَي: اسْتمع الذّكر، وَهُوَ الْقُرْآن، وَاتبع مَا فِيهِ، وَقَوله: ﴿وخشي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ أَي: خَافَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فبشره بمغفرة وَأجر كريم﴾ أَي: الْجنَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى﴾ أَي: فِي الْآخِرَة، وَيُقَال: يحيي الْقُلُوب الْميتَة بِنور الْإِيمَان، وَقَوله: ﴿ونكتب مَا قدمُوا﴾ أَي: مَا عجلوا.
وَقَوله: ﴿وآثارهم﴾ أَي: ونكتب آثَارهم، وَفِي آثَارهم قَولَانِ: