﴿خَالِدين فِيهَا حسنت مُسْتَقرًّا ومقاما (٧٦) قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم فقد كَذبْتُمْ فَسَوف يكون إلزاما (٧٧)
وَقَوله: {وَسلَامًا﴾
أى: يسلم بَعضهم على بعض، وَقَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: يسلم الله عَلَيْهِم. وَقيل: سَلامَة من الْآفَات.
قَوْله تَعَالَى: ﴿خَالِدين فِيهَا حسنت مُسْتَقرًّا ومقاما﴾ أَي: مَكَانا يستقرون فِيهِ.
وَقَوله: ﴿ومقاما﴾ أَي: يُقِيمُونَ إِقَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم﴾ أحسن الْأَقَاوِيل فِيهِ أَن مَعْنَاهُ: مَا يصنع بكم رَبِّي لَوْلَا دعائكم أَي: لَوْلَا دعاؤه إيَّاكُمْ إِلَى التَّوْحِيد، وَهِي فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا يفعل الله بعذابكم إِن شكرتم وآمنتم﴾. قَالَ القتيبي مَعْنَاهُ: مَا يعبأ بعذابكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم أَي: لَوْلَا إيمَانكُمْ، يَعْنِي: إِذا آمنتم لَا يعذبكم. وَقَالَ بَعضهم: أَي قدر لكم عِنْد رَبِّي لَوْلَا أَنه دعَاكُمْ إِلَى الْإِيمَان فتؤمنون، فَالْآن يظْهر لكم قدر وخطر.
وَقَوله: ﴿فقد كَذبْتُمْ﴾ قَرَأَ ابْن عَبَّاس: " فقد كذب الْكَافِرُونَ "، وَأما الْمَعْرُوف: ﴿فقد كَذبْتُمْ﴾ أَي: كَذبْتُمْ أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَمَعْنَاهُ: قد دعوتكم إِلَى الْإِيمَان فَلم تؤمنوا.
وَقَوله: ﴿فَسَوف يكون إلزاما﴾ وَعِيد مَعْنَاهُ: سَوف يكون الْعَذَاب لزاما. قَالَ ابْن مَسْعُود: معنى اللزام وَهُوَ يَوْم بدر. وَقَالَ بَعضهم: اللزام: الْمَوْت.
قَالَ الشَّاعِر:

(تولى عِنْد حاجتنا أنيس وَلم اجزع من الْمَوْت اللزام)
وَقُرِئَ فِي الشاذ " " لزاما " بِفَتْح اللَّام، وَهُوَ فِي معنى الأول.


الصفحة التالية
Icon