(فكذبوهما فعززنا بثالث فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مرسلون (١٤) قَالُوا مَا أَنْتُم إِلَّا بشر مثلنَا وَمَا أنزل الرَّحْمَن من شَيْء إِن أَنْتُم إِلَّا تكذبون (١٥) قَالُوا رَبنَا يعلم إِنَّا إِلَيْكُم لمرسلون (١٦) وَمَا علينا إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين (١٧) قَالُوا إِنَّا تطيرنا بكم لَئِن لم تنتهوا لنرجمنكم)
﴿إِذا أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ فكذبوهما فعززنا بثالث﴾ وَالثَّالِث كَانَ اسْمه شَمْعُون رَأس الحواريين، وَقَوله: ﴿عززنا﴾ أَي: شددنا وقوينا، وَقَرَأَ عَاصِم وَحده: " فعززنا " بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ فِي معنى الأول.
وَفِي التَّفْسِير: أَن الْقَوْم كذبُوا الرسولين الْأَوَّلين وهموا بِقَتْلِهِمَا، فجَاء هَذَا الثَّالِث وتلطف الدُّخُول على الْملك، وَكَانَت قد توفيت ابْنَته ودفنت، فَقَالَ للْملك: اطلب من [هذَيْن] الرجلَيْن أَن يحييا ابْنَتك، فَإِن أحيياها فهما [صادقان] فَطلب مِنْهُمَا الْملك ذَلِك؛ فقاما وصليا [ودعيا] الله تَعَالَى، ودعا شَمْعُون مَعَهُمَا فِي السِّرّ، فأحيا الله تَعَالَى الْمَرْأَة، وَانْشَقَّ الْقرب عَنْهَا وَخرجت، وَقَالَت للْقَوْم: أَسْلمُوا، فَإِنَّهُمَا صادقان، وَلَا أظنكم تسلمون، ثمَّ طلبت من الرسولين أَن يرادها إِلَى مَكَانهَا، فذريا تُرَابا على رَأسهَا، وعادت إِلَى قبرها كَمَا كَانَت، وَلم يُؤمن الْقَوْم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا مَا أَنْتُم إِلَّا بشر مثلنَا وَمَا أنزل الرَّحْمَن من شَيْء إِن أَنْتُم إِلَّا تكذبون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا رَبنَا يعلم إِنَّا إِلَيْكُم لمرسلون﴾ فَإِن قيل: كَيفَ يكون علم الله تَعَالَى أَنهم رسل الله حجَّة عَلَيْهِم؟
الْجَواب عَنهُ: أَن مَعْنَاهُ: رَبنَا يعلم إِنَّا إِلَيْكُم لمرسلون بِمَا أظهر على أَيْدِينَا من الْآيَات والمعجزات؛ فَصَارَت الْحجَّة قَائِمَة بِالْآيَاتِ والمعجزات، لَا بِنَفس الْعلم.
وَقَوله: ﴿وَمَا علينا إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين﴾ أَي: الإبلاغ الْبَين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا إِنَّا تطيرنا بكم﴾ أَي: تشاءمنا بكم، وَفِي التَّفْسِير: أَنه كَانَ


الصفحة التالية
Icon