﴿لَا يسألكم أجرا وهم مهتدون (٢١) وَمَا لي لَا أعبد الَّذِي فطرني وَإِلَيْهِ ترجعون (٢٢) أأتخذ من دونه آلِهَة إِن يردن الرَّحْمَن بضر لَا تغن عني شفاعتهم شَيْئا وَلَا ينقذون (٢٣) إِنِّي إِذا لفي ضلال مُبين (٢٤) إِنِّي آمَنت بربكم فاسمعون (٢٥) قيل ادخل الْجنَّة قَالَ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ (٢٦) بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين (٢٧) ﴾ ﴿وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة رجل يسْعَى﴾ أَي: من أبعد مَوضِع بِالْمَدِينَةِ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا لي لَا أعبد الَّذِي فطرني﴾ مَعْنَاهُ: وَلم لَا أعبد الَّذِي فطرني ﴿وَإِلَيْهِ ترجعون﴾.
فَإِن قيل: كَيفَ أضَاف الْفطْرَة إِلَى نَفسه وَالرُّجُوع إِلَيْهِم؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَنه أضَاف الْفطْرَة إِلَى نَفسه؛ لِأَن النِّعْمَة كَانَت عَلَيْهِ أظهر، وأضاف الرُّجُوع إِلَيْهِم؛ لِأَن الزّجر كَانَ بهم أَحَق، وَفِي ذكر الرُّجُوع معنى الزّجر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أأتخذ من دونه آلِهَة﴾ اسْتِفْهَام بِمَعْنى الْإِنْكَار أَي: لَا أَتَّخِذ، وَقَوله: ﴿إِن يردن الرَّحْمَن بضر﴾ أَي: بِسوء ومكروه، وَقَوله: ﴿لَا تغن عني شفاعتهم شَيْئا﴾ أَي: لَا تغني عني الْأَصْنَام شَيْئا؛ لِأَنَّهُ لَا شَفَاعَة لَهُنَّ، وَقد كَانُوا يَزْعمُونَ الْكفَّار أَنَّهَا تشفع لَهُم يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿وَلَا ينقذون﴾ أَي: لَا ينقذونني من الْعَذَاب لَو عذبني الله.
قَوْله: ﴿إِنِّي إِذا لفي ضلال مُبين﴾ أَي: فِي خطأ ظَاهر لَو فعلت هَذَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنِّي آمَنت بربكم فاسمعون﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مجازه فَاسْمَعُوا مني،
قَوْله: ﴿قيل ادخل الْجنَّة﴾ فِي التَّفْسِير: أَنه لما قَالَ هَذَا القَوْل وثب الْقَوْم عَلَيْهِ وثبة وَاحِدَة فوطئوه بأرجلهم حَتَّى قَتَلُوهُ، وَحكى هَذَا عَن ابْن مَسْعُود، وَيُقَال: وطئوه حَتَّى خرج قصبه من دبره؛ فَأدْخلهُ الله الْجنَّة، فَهُوَ ثمَّ حَيّ يرْزق، وَهُوَ معنى قَوْله: ﴿قيل ادخل الْجنَّة﴾.
وَقَوله: ﴿يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي﴾ أَي: بمغفرة رَبِّي لي، قَالَ قَتَادَة:


الصفحة التالية
Icon