﴿الَّذِي خلق الْأزْوَاج كلهَا مِمَّا تنْبت الأَرْض وَمن أنفسهم وَمِمَّا لَا يعلمُونَ (٣٦) وَآيَة لَهُم اللَّيْل نسلخ مِنْهُ النَّهَار فَإِذا هم مظلمون (٣٧) وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا ذَلِك﴾ والفرات، والنيل، وسيحان، وجيجان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَآيَة لَهُم اللَّيْل نسلخ مِنْهُ النَّهَار﴾ أَي: نكشط ونزيل، وَمَعْنَاهُ: نَذْهَب بِالنَّهَارِ، وَنَجِيء بِاللَّيْلِ، فَكَأَنَّهُ استخرج مِنْهُ، وَقَوله: ﴿فَإِذا هم مظلمون﴾ أَي: داخلون فِي الظلمَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا﴾ قَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا " أَي: تسير وتجري أبدا من غير قَرَار وَلَا وقُوف. وَأما الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة " لمستقر لَهَا " وَفِيه قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مستقرها هُوَ نِهَايَة دورانها إِذا قَامَت السَّاعَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن مستقرها نِهَايَة ارتفاعها فِي السَّمَاء فِي الصَّيف، وَنِهَايَة هبوطها فِي الشتَاء، وَقد ثَبت عَن النَّبِي بِرِوَايَة الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر أَنه قَالَ: " كنت عِنْد النَّبِي حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر، أَتَدْرِي أَيْن تذْهب؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم، فَقَالَ: إِنَّهَا تذْهب وتستأذن فِي السُّجُود ". وَفِي رِوَايَة: " تذْهب إِلَى تَحت الْعَرْش وتستأذن فِي السُّجُود؛ فَيُؤذن لَهَا فِي السُّجُود، وَيُقَال لَهَا: اطلعِي من حَيْثُ كنت تطلعين، وَكَأَنَّهَا قد قيل لَهَا يَوْمًا يَا أَبَا ذَر: اطلعِي من حَيْثُ جِئْت؛ فَتَطلع من مغْرِبهَا، ثمَّ قَرَأَ النَّبِي قَوْله تَعَالَى: " وَذَلِكَ مُسْتَقر لَهَا ". قَالَ: وَفِي هَذَا الْخَبَر أَنه كَذَلِك فِي قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود.
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بِهَذَا الْخَبَر عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس الطَّحَّان، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس بن مَحْبُوب، أخبرنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ، أخبرنَا