﴿تأتيهم من آيَة من آيَات رَبهم إِلَّا كَانُوا عَنْهَا معرضين (٤٦) وَإِذا قيل لَهُم أَنْفقُوا مِمَّا رزقكم الله قَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا أنطعم من لَو يَشَاء الله أطْعمهُ إِن أَنْتُم إِلَّا فِي ضلال مُبين (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين (٤٨) مَا ينظرُونَ إِلَّا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا تأتيهم من آيَة من آيَات رَبهم إِلَّا كَانُوا عَنْهَا معرضين﴾ أَي: معرضين بالجحد والتكذيب.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَإِذا قيل لَهُم أَنْفقُوا مِمَّا رزقكم الله﴾ أَي: مِمَّا أَعْطَاكُم الله.
وَقَوله: ﴿قَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا أنطعم من لَو يَشَاء الله أطْعمهُ﴾
قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ بِمَكَّة زنادقة، فَكَانَ إِذا قيل لَهُم: أَنْفقُوا على الْفُقَرَاء مِمَّا (أَعْطَاكُم) الله؛ قَالُوا هَذَا القَوْل على سَبِيل الِاسْتِهْزَاء، وَعَن الْبَصْرِيّ قَالَ: هَذَا قَول الْيَهُود، وَكَانُوا يَقُولُونَ: كَيفَ نعطيهم وَقد أفقرهم الله تَعَالَى، وَلَو شَاءَ أَن يعطيهم أَعْطَاهُم؟ وَذكر القتيبي فِي كتاب " المعارف ": أَن أَبَا الْأسود الدؤَلِي كَانَ من خلقه أغناهم، فَهَذَا حجَّة البخلاء فِي الْبُخْل، وَهِي حجَّة بَاطِلَة؛ لِأَن الله تَعَالَى منع الدُّنْيَا من الْفُقَرَاء لَا بخلا وَلَكِن ابتلاء، وَأمر الْأَغْنِيَاء بِالْإِنْفَاقِ لَا بِحكم الْحَاجة إِلَى أَمْوَالهم لَكِن ابتلاء شكرهم.
وَقَوله: ﴿إِن أَنْتُم إِلَّا فِي ضلال مُبين﴾ أَي: فِي خطأ بَين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ أَي: وعد الْقِيَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا ينظرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تأخذهم وهم يخصمون﴾ أَي: يختصمون، وَهَكَذَا فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب، وَيُقَال: هم يخصمون أَي: يتقاولون فِي حاجاتهم، وَفِي الْخَبَر عَن النَّبِي: " إِن السَّاعَة تقوم وَالرجل يسْقِي مَاشِيَته، وَتقوم وَالرجل يلط حَوْضه، وَتقوم وَالرجل يعرض سلْعَته على البيع، وَتقوم وَالرجل قد رفع لقمته ليضعها فِي فِيهِ، فتقوم قبل أَن يَضَعهَا فِي فِيهِ ".


الصفحة التالية
Icon