﴿صِرَاط مُسْتَقِيم (٦١) وَلَقَد أضلّ مِنْكُم جبلا كثيرا أفلم تَكُونُوا تعقلون (٦٢) هَذِه جَهَنَّم الَّتِي كُنْتُم توعدون (٦٣) اصلوها الْيَوْم بِمَا كُنْتُم تكفرون (٦٤) الْيَوْم نختم على﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد أضلّ مِنْكُم جبلا﴾ وَقُرِئَ: " جبلا كثيرا "، وَقُرِئَ: " جبلا " بِرَفْع الْجِيم وَالْبَاء، وَمَعْنَاهُ: خلقا كثيرا، قَالَ الضَّحَّاك: عشرَة آلَاف فَمَا زَاد، وَعَن بَعضهم: خلقا كثيرا لَا يُحْصى عَددهمْ إِلَّا الله، وَقَوله: ﴿أفلم تَكُونُوا تعقلون﴾ يَعْنِي: أفلم تعقلوا آياتي، وتنظروا فِيهَا نظر من يعقل،
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَذِه جَهَنَّم الَّتِي كُنْتُم توعدون﴾ أَي: توعدون دُخُولهَا بكفركم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿اصلوها الْيَوْم﴾ أَي: ادخلوها وقاسوا حرهَا [ ﴿بِمَا كُنْتُم تكفرون﴾ ]،
قَوْله تَعَالَى: ﴿الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: هَذَا حِين يُنكر الْكفَّار كفرهم وتكذيبهم رسل الله، فيختم الله على أَفْوَاههم، وَيَأْذَن للجوارح فِي الشَّهَادَة بِمَا عملت، وَفِي الْمَشْهُور من الْأَخْبَار أَن النَّبِي قَالَ: " يَقُول العَبْد يَوْم الْقِيَامَة: يَا رب، لَا أُجِيز على نَفسِي إِلَّا شَاهدا مني، فيختم الله على فَمه، وَيَقُول لجوارحه: انْطِقِي، فتتكلم الْجَوَارِح بِمَا عملت، ثمَّ يخلي بَينه وَبَين لِسَانه، فَيَقُول لجوارحه: بعدا لَكِن وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ أُنَاضِل ".
وَفِي الْخَبَر أَيْضا أَن النَّبِي قَالَ: " يجاء بِالنَّاسِ يَوْم الْقِيَامَة مفدمة أَفْوَاههم بالفدام، وَتشهد جوارحهم بِمَا عملت، فَأول مَا يشْهد فَخذ الْإِنْسَان وكفه ".