﴿بزينة الْكَوَاكِب (٦) وحفظا من كل شَيْطَان مارد (٧) لَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى﴾ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا ﴿وَرب الْمَشَارِق﴾ أَي: وَرب المسارق والمغارب.
فَإِن قيل: قد قَالَ فِي مَوضِع آخر ﴿رب الْمشرق وَالْمغْرب﴾ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿رب المشرقين وَرب المغربين﴾ وَقَالَ هَا هُنَا: ﴿رب الْمَشَارِق﴾ فَكيف وَجهه التَّوْفِيق بَين هَذِه الْآيَة وَأَخَوَاتهَا؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أما قَوْله: ﴿رب الْمشرق وَالْمغْرب﴾ فَالْمُرَاد مِنْهُ الْجِهَة، وللمشرق جِهَة وَاحِدَة، وللمغرب جِهَة وَاحِدَة.
وَأما قَوْله: ﴿رب المشرقين وَرب المغربين﴾ فَالْمُرَاد من المشرقين: مشرق الشتَاء، ومشرق الصَّيف، فَأَما قَوْله: ﴿وَرب الْمَشَارِق﴾ فللشمس مَشَارِق تطلع كل يَوْم من مشرق غير الْمشرق الَّذِي طلعت فِيهِ أمس، وَكَذَلِكَ المغارب، فاستقام على هَذَا وُجُوه الْآيَات.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بزينة الْكَوَاكِب﴾ أَي: بِحسن الْكَوَاكِب وضيائها، وَقَرَأَ عَاصِم: " بزينة الْكَوَاكِب " أَي: بتزيينا الْكَوَاكِب، وَقَرَأَ حَمْزَة: " بزينة الْكَوَاكِب " بخفض الْبَاء وتنوين الزِّينَة، وَالْكَوَاكِب على هَذِه الرِّوَايَة تدل على الزِّينَة، وَالْمعْنَى: إِنَّا زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بالكواكب.
وَقَوله: ﴿وحفظا﴾ أَي: وحفظناها حفظا، وَقَوله: ﴿من كل شَيْطَان مارد﴾ أَي: متمرد، والشيطان: كل متمرد عَاتٍ من إنس أَو جن أَو جنَّة، قَالَ الشَّاعِر:
(مَا لَيْلَة القفير إِلَّا شَيْطَان... )
والقفير: الْبِئْر الْبَعِيدَة القعر،
قَوْله ﴿لَا يسمعُونَ﴾ وَقُرِئَ: " لَا يسمعُونَ " بِنصب السِّين، وَقَوله: ﴿لَا يسمعُونَ﴾ أَي: لَا يَسْتَمِعُون، وَقَوله: ﴿لَا يسمعُونَ﴾ أَي: لَا يَسْتَمِعُون.


الصفحة التالية
Icon