﴿ويقذفون من كل جَانب (٨) دحورا وَلَهُم عَذَاب واصب (٩) إِلَّا من خطف الْخَطفَة فَأتبعهُ شهَاب ثاقب (١٠) فاستفتهم أهم أَشد خلقا أم من خلقنَا إِنَّا خلقناهم من﴾
وَقَوله: ﴿إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى﴾ أَي: الْمَلَائِكَة، وَمعنى الْآيَة: أَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ الِاسْتِمَاع إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى.
وَقَوله: ﴿ويقذفون﴾ أَي: يرجمون، وَقَوله: ﴿من كل جَانب﴾ من جَوَانِب السَّمَاء،
وَقَوله: ﴿دحورا﴾ قَالَ مُجَاهِد: أَي: مطرودين، وَقَالَ قَتَادَة: يرْمونَ رميا، والدحر هُوَ الإبعاد، وَيُقَال: دحره الله أَي: أبعده الله.
وَقَوله: ﴿وَلَهُم عَذَاب واصب﴾ أَي: دَائِم،
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَّا من خطف الْخَطفَة﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: لَكِن من خطف الْخَطفَة، والخطف هُوَ الاستلاب بِسُرْعَة، واختطافهم واستلابهم كَلَام الْمَلَائِكَة.
وَقَوله: ﴿فَأتبعهُ شهَاب ثاقب﴾ أَي: شهَاب مضيء، وَقيل: محرق، وَعَن يزِيد الرقاشِي قَالَ: ثاقب أَي: يثقبهم فَينفذ من جَانب آخر، والشهاب: هُوَ النَّجْم هَا هُنَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فاستفتهم﴾ أَي: فاسألهم ﴿أهم أَشد خلقا أم من خلقنَا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَغَيره: المُرَاد مِنْهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال، وَزعم أهل الْمعَانِي: أَنه لَا بُد أَن تكون الْمَلَائِكَة وَمَا خلقه الله من الْجِنّ وَالَّذين يعْقلُونَ مرَادا بِالْآيَةِ؛ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ ﴿أم من خلقنَا﴾ وَمن لَا تذكر إِلَّا فِيمَا يعقل.
وَقَوله: ﴿إِنَّا خلقناهم من طين لازب﴾ أَي: لاصق، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ لَازم؛ قَالَ الشَّاعِر:

﴿وَلَا تحسبون الْخَيْر لَا شَرّ بعده وَلَا تحسبون الشَّرّ ضَرْبَة لازب﴾
أَي: لَازم.
وَقَوله: ﴿بل عجبت﴾ وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ: " بل عجبت " على إِضَافَة التَّعَجُّب إِلَى الله، وَهِي قِرَاءَة عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس.


الصفحة التالية
Icon