( ﴿٤٧) وَعِنْدهم قاصرات الطّرف عين (٤٨) كأنهن بيض مَكْنُون (٤٩) فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون (٥٠) قَالَ قَائِل مِنْهُم إِنِّي كَانَ لي قرين (٥١) يَقُول أئنك لمن﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَعِنْدهم قاصرات الطّرف﴾ أَي: اللَّاتِي قصرن أطرافهن على أَزوَاجهنَّ أَي: عينهن أَي: حبسن فَلَا ينظرن إِلَى غير أَزوَاجهنَّ.
وَقَوله: ﴿عين﴾ أَي: حسان الْأَعْين، وَفِي التَّفْسِير: الْبيَاض شَدِيد الْبيَاض، والسواد شَدِيد السوَاد، يَعْنِي فِي الْعين.
وَقَوله: ﴿كأنهن بيض مَكْنُون﴾ الْعَرَب تشبه وَجه الْمَرْأَة فِي الْبيَاض بَيْضَة النعامة، وَيَقُولُونَ: أحسن اللَّوْن بَيَاض اللَّوْن مشوب بالصفرة، قَالَ ذُو الرمة:

(كحلاء فِي بزخ صفراء فِي دعجٌ كَأَنَّهَا فضَّة قد مَسهَا ذهب)
وَقَوله: ﴿مَكْنُون﴾ أَي: مَسْتُور مصون من الريش (والخمار).
وَقَالَ بَعضهم: فِي قَوْله ﴿بيض مَكْنُون﴾ شبههن ببياض الْبَيْضَة عِنْد خُرُوجهَا من قشرتها، وَقيل: شبه بالسحاء الَّذِي بَين القشر الْأَعْلَى وَبَين الْبيَاض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون﴾ أَي: يسْأَل بَعضهم بَعْضًا عَن حَاله فِي الدُّنْيَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ قَائِل مِنْهُم إِنِّي كَانَ لي قرين﴾ قَالَ مُجَاهِد: القرين هَا هُنَا: هُوَ الشَّيْطَان (يغويه)، وَيُقَال: القرين هَا هُنَا: قرينه الَّذِي كَانَ يَدعُوهُ إِلَى الْكفْر.
قَالَ عَطاء الْخُرَاسَانِي: نزلت الْآيَة فِي رجلَيْنِ كَانَا فِي بني إِسْرَائِيل اكتسبا مَالا عَظِيما، وَيُقَال: ورثا مَالا عَظِيما واقتسماه، فأنفق أَحدهمَا نصِيبه على الْفُقَرَاء، وَأما الآخر فَاشْترى بِهِ عقارا ودورا وأثرى، وهما اللَّذَان ذكرهمَا الله تَعَالَى فِي سُورَة الْكَهْف، وَقَالَ بَعضهم: هما أَخَوان سواهُمَا.


الصفحة التالية
Icon