﴿فمالئون مِنْهَا الْبُطُون (٦٦) ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوبا من حميم (٦٧) ثمَّ إِن مرجعهم لإلى الْجَحِيم (٦٨) إِنَّهُم ألفوا آبَاءَهُم ضَالِّينَ (٦٩) فهم على آثَارهم يهرعون (٧٠) وَلَقَد ضل قبلهم أَكثر الْأَوَّلين (٧١) وَلَقَد أرسلنَا فيهم منذرين (٧٢) فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين (٧٣) إِلَّا عباد الله المخلصين (٧٤) وَلَقَد نادانا نوح فلنعم المجيبون﴾
فَشبه بأنياب الأغوال، وَلم ير الأغوال، وَلَكِن صَحَّ التَّشْبِيه لما تقرر فِي النُّفُوس قبحها، وَقَالَ بَعضهم: الشَّيْطَان هَا هُنَا حَيَّة قبيحة المنظر، فَمَعْنَاه: كَأَنَّهَا رُءُوس الْحَيَّات، وَالْعرب تسمي كل قَبِيح مَكْرُوه شَيْطَانا، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ اسْم لنبت من الثَّمر خشن اللَّمْس منتن الرّيح.
وَقَوله: ﴿إِنَّا جعلناهم فتْنَة للظالمين﴾ فتنتهم بهَا هُوَ مَا قَالَ أَبُو جهل، وَزعم أَنه الزّبد وَالتَّمْر، وَمن فتنتهم أَيْضا بهَا أَنهم قَالُوا كَيفَ تنْبت شَجَرَة فِي النَّار، وَالنَّار تحرق الشّجر؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنَّهُم لآكلون مِنْهَا فمالئون مِنْهَا الْبُطُون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوبا من حميم﴾ أَي: لخلطا من حميم.
وَقَوله: ﴿ثمَّ إِن مرجعهم لإلى الْجَحِيم﴾ أَي: منقلبهم، وَيُقَال: إِن شَجَرَة الزقوم فِي الْبَاب السَّادِس من أَبْوَاب النَّار؛ فَيخْرجُونَ من الْجَحِيم إِلَيْهِ حَتَّى يَأْكُلُون الزقوم ثمَّ يردون إِلَى الْجَحِيم؛ فَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿قُم ثمَّ إِن مرجعكم لإلى الْجَحِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّهُم ألفوا آبَاءَهُم ضَالِّينَ﴾ أَي: وجدوا آبَاءَهُم على الضَّلَالَة،
وَقَوله: ﴿فهم على آثَارهم يهرعون﴾ أَي: يسرعون، والإهراع هُوَ الْإِسْرَاع،
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد ضل قبلهم أَكثر الْأَوَّلين وَلَقَد أرسلنَا فيهم منذرين فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَّا عباد الله المخلصين﴾ وَقُرِئَ: " مُخلصين " بِكَسْر اللَّام، فَقَوله: ﴿مُخلصين﴾ أَي: الَّذين أخلصهم الله واختارهم، وَأما بِالْكَسْرِ أَي: الَّذين أَخْلصُوا الْعَمَل لله تَعَالَى.