﴿بنيانا فألقوه فِي الْجَحِيم (٩٧) فأرادوا بِهِ كيدا فجعلناهم الأسفلين (٩٨) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سيهدين (٩٩) رب هَب لي من الصَّالِحين (١٠٠) فبشرناه بِغُلَام حَلِيم﴾
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: بنوا موضعا وَجعلُوا حوائطه من حَدِيد، طوله فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا، وَعرضه عشرُون ذِرَاعا.
وَقَوله: ﴿فألقوه فِي الْجَحِيم﴾ الْجَحِيم كل مَوضِع عظمت فِيهِ النَّار وَكَثُرت، وَيُقَال: الْجَحِيم نَار على نَار، وجمر على جمر.
وَقَوله: ﴿فأرادوا بِهِ كيدا﴾ كيدهم: هُوَ قصدهم إحراقه بالنَّار، وَقَوله: ﴿فجعلناهم الأسفلين﴾ أَي: المهلكين، وَقيل: الأسفلين فِي الْحجَّة، كَانَ حجَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم، وَظَهَرت عَلَيْهِم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سيهدين﴾.
فِي الْقِصَّة: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لما ألقِي فِي النَّار؛ قَالَ حِين ألقِي: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل؛ فَجعل الله النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا، قَالَ كَعْب: لم تحرق شَيْئا مِنْهُ إِلَّا وثَاقه، وَفِي الْقِصَّة: أَن نمروذ اطلع عَلَيْهِ فَرَآهُ فِي رَوْضَة خضراء عَن يَمِينه شخص، وَكَانَ هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَعَن يسَاره فرَاش من حَرِير أنزلهُ الله عَلَيْهِ من الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي﴾ فِيهِ قَولَانِ: أحد الْقَوْلَيْنِ: أَنه قَالَ بعد أَن خرج من النَّار، وَأمره الله بِالْهِجْرَةِ إِلَى الشَّام.
وَالْقَوْل الآخر: أَنه قَالَ هَذَا قبل أَن [يلقى] فِي النَّار، وَكَانَ عِنْده أَنه إِذا ألقِي فِي النَّار هلك، وَلم يتَخَلَّص مِنْهَا؛ فَقَالَ هَذَا القَوْل إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي.
وَقَوله: ﴿سيهدين﴾ على هَذَا القَوْل مَعْنَاهُ: إِلَى طَرِيق الْجنَّة، وعَلى القَوْل الأول سيهدين أَي: سيرشدني إِلَى الْموضع الَّذِي أمرت بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهِ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿رب هَب لي من الصَّالِحين﴾ أَي: هَب لي ولدا صَالحا من الصَّالِحين،
قَوْله تَعَالَى ﴿فبشرناه بِغُلَام حَلِيم﴾ أَي: غُلَام حَلِيم فِي صغره، عليم فِي


الصفحة التالية
Icon