بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر (١) بل الَّذين كفرُوا فِي عزة وشقاق (٢) كم أهلكنا من﴾تَفْسِير سُورَة ص
وَهِي مَكِّيَّة
قَوْله تَعَالَى: ﴿ص﴾ قَرَأَ الْأَكْثَرُونَ: ﴿ص﴾ بالتسكين، وَقَرَأَ الْحسن: ﴿ص﴾ بخفض الدَّال، وَقَرَأَ عِيسَى بن عمر النَّحْوِيّ: ﴿ص﴾ بِفَتْح الدَّال، وَالْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة بالتسكين.
وَعلة التسكين أَنه حرف من حُرُوف التهجي، وَعند الْعَرَب أَن هَذَا يكون سَاكِنا، وَأما قِرَاءَة الْحسن فَمَعْنَاه: صَاد الْقُرْآن بعملك أَي: عَارضه بعملك، واما قِرَاءَة الْفَتْح فَمَعْنَاه: إِنَّك صَاد.
وَأما معنى " ص ": روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: صدق مُحَمَّد، وَعَن الضَّحَّاك: صدق الله، وَقَالَ مُجَاهِد: هَذَا من فواتح السُّور، وَقَالَ قَتَادَة: اسْم من أَسمَاء الْقُرْآن، وَهُوَ قسم، وَذكر الْكَلْبِيّ أَن مَعْنَاهُ: والصادق الْمَعْنى على الْقسم.
وَقَوله: ﴿وَالْقُرْآن ذِي الذّكر﴾ أَي: ذِي الشّرف، وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿لقد أنزلنَا إِلَيْكُم كتابا فِيهِ ذكركُمْ﴾ أَي: شرفكم.
وَقَوله: ﴿بل الَّذين كفرُوا فِي عزة وشقاق﴾ وَقُرِئَ فِي الشاذ: " فِي غرَّة وشقاق " بالغين الْمُعْجَمَة، وَالْمَعْرُوف بِالْعينِ وَالزَّاي.
وَقَوله: ﴿فِي عزة﴾ أَي: فِي حمية، قَالَ قَتَادَة: معنى قَوْله: ﴿عزة﴾ أَي: نفروا عَن قبُول الْحق، وتكبروا عَن الانقياد، وَأما الْقِرَاءَة بالغين فَهُوَ من الْغرُور والغفلة، وَقَوله: ﴿وشقاق﴾ أَي: عَدَاوَة وَاخْتِلَاف.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كم أهلكنا﴾ اعْلَم أَنه اخْتلف قَول أهل التَّفْسِير فِي جَوَاب الْقسم؛ فَقَالَ بَعضهم: جَوَاب الْقسم هُوَ قَوْله تَعَالَى: {إِن ذَلِك لحق تخاصم أهل