﴿سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة إِن هَذَا إِلَّا اخْتِلَاق (٧) أؤنزل عَلَيْهِ الذّكر من بَيْننَا بل هم فِي شكّ من ذكري بل لما يَذُوقُوا عَذَاب (٨) أم عِنْدهم خَزَائِن رَحْمَة رَبك﴾ والهلاك، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ " وَانْطَلق الْمَلأ يَمْشُونَ أَن اصْبِرُوا على آلِهَتكُم "، وَيُقَال: إِن هَذَا لشَيْء يُرَاد أَي: لشَيْء يُرَاد بِأَهْل الأَرْض فِي إرْسَال مُحَمَّد وَيُقَال: يُرَاد أَي: يُرَاد بِمُحَمد وَيملك علينا ويرأس.
وَفِي الْآيَة قَول آخر، وَهُوَ أَنَّهَا نزلت فِي إِسْلَام عمر رَضِي الله عَنهُ وَمَا حصل للْمُسلمين من الْقُوَّة بمكانه، فَقَالَ الْكفَّار لما أسلم عمر: إِن هَذَا لشَيْء يُرَاد أَي: إِن أَمر مُحَمَّد لشَيْء يُرَاد، حَيْثُ قوي بِإِسْلَام عمر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة﴾ أَي: النَّصْرَانِيَّة، هَكَذَا قَالَه ابْن عَبَّاس وَابْن جريج وَالسُّديّ، وَهِي آخر الْملَل، وَلم يَكُونُوا مُوَحِّدين، فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة، وَقَالَ مُجَاهِد: مَا سمعنَا هَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة أَي: فِي مِلَّة قُرَيْش، وَقيل: فِي ملتنا هَذِه، وَعَن مؤرج بن عَمْرو قَالَ: فِي الْملَّة الْآخِرَة أَي: فِي الْملَّة الأولى، وَهُوَ لُغَة لبَعض الْعَرَب.
وَقَوله: ﴿إِن هَذَا إِلَّا اخْتِلَاق﴾ أَي: افتعال وَكذب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أأنزل عَلَيْهِ الذّكر من بَيْننَا﴾ مَعْنَاهُ: أَن أهل مَكَّة قَالُوا: أأنزل على مُحَمَّد الْقُرْآن من بَيْننَا، وَلَيْسَ بأفضلنا وَلَا أَشْرَفنَا؟.
وَقَوله: ﴿بل هم فِي شكّ من ذكري﴾ أَي: مِمَّا أنزلت.
وَقَوله: ﴿بل لما يَذُوقُوا عَذَاب﴾ أَي: لم يَذُوقُوا عَذَابي وسيذقونه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم عِنْدهم خَزَائِن رَحْمَة رَبك﴾ مَعْنَاهُ: أعندهم خَزَائِن رَحْمَة رَبك؟ والخزائن: هِيَ البوت الَّتِي تعد فِيهَا الْأَشْيَاء النفيسة.
وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَنه لَيْسَ عِنْدهم خَزَائِن الرَّحْمَة والنبوة، فيعطونها من شَاءُوا، ويمنعونها من شَاءُوا.