(الْعَزِيز الْوَهَّاب (٩) أم لَهُم ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب (١٠) جند مَا هُنَالك مهزوم من الْأَحْزَاب (١١) كذبت قبلهم قوم نوح وَعَاد وَفرْعَوْن)
وَقَوله: ﴿الْعَزِيز الْوَهَّاب﴾ الْعَزِيز: هُوَ المنيع فِي ملكه، الْغَالِب على خلقه، الْوَهَّاب: الْمُعْطِي لخلقه،
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أم لَهُم ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا﴾ أَي: لَيْسَ لَهُم ذَلِك.
وَقَوله: ﴿فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب﴾ أَي: فليعلوا فِي أَسبَاب الْقُوَّة والمنعة إِن كَانَ لَهُم ذَلِك على مَا زَعَمُوا، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وَقيل: فليقعدوا إِلَى أَبْوَاب السَّمَاء. والأسباب هِيَ الموصلاة فِي الغة، وَالْحَبل يُسمى سَببا؛ لأته يُوصل بِهِ إِلَى الشَّيْء، فالارتقاء فِي الْأَسْبَاب هُوَ التَّوَصُّل من شَيْء إِلَى شَيْء حَتَّى يبلغ أَعْلَاهُ، وَالْمرَاد من الْآيَة إِثْبَات عجزهم، وَإِبْطَال زعمهم فِيمَا ادعوهُ من المنعة وَالْقُوَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿جند مَا هُنَالك مهزوم من الْأَحْزَاب﴾ أَي: جند هُنَالك، " وَمَا " صلَة، وَالْمعْنَى أَنهم مهزومون مقموعون، وَاخْتلف القَوْل فِي الْمَعْنى لَهُم، فأحد الْقَوْلَيْنِ: هم الْأَصْنَام، وَالْقَوْل الآخر: أَن الْمَعْنى هم مشركو قُرَيْش، وهم الَّذين قتلوا وأسروا ببدر، وَقيل: إِن هُنَالك إِشَارَة إِلَى مصَارِعهمْ من بدر.
وَقَوله: ﴿من الْأَحْزَاب﴾ أَي: من الَّذين تحزبزا وتجمعوا على الْأَنْبِيَاء بالتكذيب،
قَوْله تَعَالَى: ﴿كذبت قبلهم قوم نوح وَعَاد﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿وَفرْعَوْن ذُو الْأَوْتَاد﴾ فِي الْأَوْتَاد أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا الْبُنيان، قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَقَد غنوا فِيهَا بأنعم عيشة | فِي ظلّ ملك ثَابت الْأَوْتَاد) |
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْأَوْتَاد هِيَ الملاعب بالأرسان المشدودة بالأوتاد، وَقد كَانَ