﴿عَبدنَا دَاوُود ذَا الأيد إِنَّه أواب (١٧) إِنَّا سخرنا الْجبَال مَعَه يسبحْنَ بالْعَشي وَالْإِشْرَاق بِيَمِينِهِ) {وَأما من أُوتِيَ كِتَابه بِشمَالِهِ﴾ فَسمع الْمُشْركُونَ ذَلِك؛ فَقَالُوا: رَبنَا عجل لنا قطنا أَي: صحيفتنا.
وَقَوله: ﴿قبل يَوْم الْحساب﴾ ظَاهر، وَإِنَّمَا قَالُوا تَكْذِيبًا واستهزاء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿واصبر على مَا يَقُولُونَ﴾ أَي: على مَا يَقُول الْكفَّار.
وَقَوله: ﴿وَاذْكُر عَبدنَا دَاوُد﴾ هُوَ دَاوُد بن إيشا، وَقد بَينا، قَوْله: ﴿ذَا الأيد﴾ أَي: ذَا الْقُوَّة، فَيُقَال: ذَا الْقُوَّة فِي الْعِبَادَة، وَيُقَال: ذَا الْقُوَّة فِي الْملك.
وَأما قَوْله فِي الْعِبَادَة؛ فقد كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا، وَكَانَ يقوم سدس اللَّيْل وينام نصفه، وَيقوم ثلثه، وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " أحب الصّيام إِلَى الله تَعَالَى صِيَام دَاوُد، وَأحب الْقيام إِلَى الله قيام دَاوُد "، وَقَوله: ﴿إِنَّه أواب﴾ أَي: تواب، وَقيل: رجاع، فَقَالَ: آب يئوب إِذا رَجَعَ، قَالَ الشَّاعِر:

(وكل ذِي غيبَة يئوب وغائب الْمَوْت لَا يئوب)
وَقيل: أواب مَعْنَاهُ: أَنه كَانَ كلما ذكر ذَنبه اسْتغْفر الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا سخرنا الْجبَال مَعَه يسبحْنَ بالْعَشي﴾ الْعشي: آخر النَّهَار.
وَقَوله: ﴿وَالْإِشْرَاق﴾ هُوَ وَقت الضُّحَى، وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا كنت أعرف معنى الْإِشْرَاق حَتَّى أَخْبَرتنِي أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى صَلَاة الضُّحَى


الصفحة التالية
Icon