وَفِي بعض التفاسير: أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام رأى قرينيه من الْمَلَائِكَة، فَقَالَ لَهما: مَا بالكما معي، فَقَالَا: نحفظك ونحرسك، فتفكر فِي نَفسه أَنه كَانَ مَا يحْتَرز عَنهُ من الْأَشْيَاء يكون بحفظهما، أَو مَا يفعل من الْعِبَادَة فَيكون بحفظهما، فَهُوَ لَا يحمد فِي ذَلِك؛ فَأمر الله تَعَالَى الْملكَيْنِ أَن يخلياه يَوْمًا.
وَفِي بعض الْقَصَص: أَن الله تَعَالَى حذره يَوْمًا، وَقَالَ: هُوَ يَوْم فتنتك، وَفِي بَعْضهَا: أَنه سمع بني إِسْرَائِيل يَقُولُونَ فِي دعواتهم: يَا إِلَه إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب، فَأحب أَن يذكر مَعَهم، فَذكر ذَلِك لله تَعَالَى فِي مناجاته، فَقَالَ: يَا دَاوُد إِنِّي ابتليتهم فصبروا. فَقَالَ: لَو ابتليتني صبرت، فَقَالَ: يَا دَاوُد إِنِّي مبتليك يَوْم كَذَا، فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم دخل فِي متعبده، وتخلى لِلْعِبَادَةِ، وَهَذَا الْوَجْه الثَّالِث غَرِيب، وَالْمَشْهُور مَا ذكرنَا من قبل، قَالُوا: وَلما كَانَ فِي ذَلِك الْيَوْم وتخلى لِلْعِبَادَةِ وَجعل يُصَلِّي وَيقْرَأ التَّوْرَاة وَالزَّبُور ويكب على قراءتهما، فَبَيْنَمَا هُوَ خلال ذَلِك؛ إِذْ سقط طير من ذهب قَرِيبا مِنْهُ، وَيُقَال: إِنَّه إِبْلِيس تصور فِي صُورَة طير، وَكَانَ جناحاه من الدّرّ والزبرجد، فأعجبه حسن الطير، فقصد أَن يَأْخُذهُ فتباعد مِنْهُ، وَجعل هُوَ يتبعهُ إِلَى أَن أسرف فِي اتِّبَاعه إِلَى دَار من دور جِيرَانه، فَرَأى امْرَأَة تَغْتَسِل، فأعجبه حسنها وخلقها، وَفتن بهَا، فَلَمَّا أحست الْمَرْأَة بِمن ينظر إِلَيْهَا؛ حللت شعرهَا، فغشاها شعرهَا؛ فازداد دَاوُد فتْنَة، وَرجع وَسَأَلَ عَن الْمَرْأَة؛ فَقيل: إِنَّهَا امْرَأَة أوريا بن حنان، فَكَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت توجه غازيا إِلَى بعض الثغور، فَأحب أَن يقتل ويتزوج بامرأته، فَذكر بَعضهم أَن ذَنبه كَانَ هَذَا الْقدر.
وَذكر بَعضهم: انه كتب إِلَى أَمِير الْجَيْش أَن يَجْعَل أوريا قُدَّام التابوت، وَكَانَ من جعل قُدَّام التابوت فإمَّا أَن يقتل أَو يفتح الله على يَدَيْهِ، فَلَمَّا جعل قُدَّام التابوت قتل، فَتزَوج دَاوُد الْمَرْأَة بَعْدَمَا انْقَضتْ عدتهَا.
وروى مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود، وَسَعِيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا قَالَا: كَانَ ذَنْب دَاوُد انه التمس من الرجل أَن ينزل عَن امْرَأَته، هَذَا قَول ابْن مَسْعُود، وَأما لفظ ابْن عَبَّاس: التمس أَن يتَحَوَّل لَهُ عَنْهَا.


الصفحة التالية
Icon