{السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا ذَلِك ظن الَّذين كفرُوا فويل للَّذين كفرُوا من النَّار (٢٧) أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار (٢٨) كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك ليدبروا آيَاته وليتذكر أولُوا الْأَلْبَاب (٢٩) الرجل عقد لُؤْلُؤ، وَلم يردهُ إِلَى، فأنلني السلسلة، ثمَّ رفع يَده ونالها، وَجَاء صَاحبه إِلَى السلسلة، والعصا فِي يَده، فَقَالَ للْمُدَّعِي: أمسك هَذِه الْعَصَا حَتَّى آخذ السلسلة، فَأَخذهَا مِنْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي قد رَددتهَا إِلَيْهِ فأنلني السلسلة، ثمَّ إِنَّه رفع يَده، ونال السلسلة؛ فتحير دَاوُد وَبَنُو إِسْرَائِيل فِي ذَلِك.
وَرفع الله السلسلة، وَأمر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بِأَن يقْضِي بَين النَّاس بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِين؛ فجرت السّنة على ذَلِك إِلَى قيام السَّاعَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا﴾ أَي: لعبا، وَقيل: لغير حِكْمَة، وَقَوله: ﴿ذَلِك ظن الَّذين كفرُوا﴾ وَهَذَا دَلِيل على أَن الله تَعَالَى يعذب الْكفَّار بِالظَّنِّ الْبَاطِل، وَقَوله: ﴿فويل للَّذين كفرُوا من النَّار﴾ أَي: من نَار جَهَنَّم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم نجْعَل الَّذين آمنُوا﴾ مَعْنَاهُ: أنجعل الَّذين آمنُوا (وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض) أَي: لَا نجْعَل.
وَقَوله: ﴿أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار﴾ أَي: الْمُؤمنِينَ كالكفار، وَيُقَال: المُرَاد بالمتقين هَا هُنَا أَصْحَاب رَسُول الله، وَقيل: بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب، والفجار هم وُجُوه الْمُشْركين وسادتهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك﴾ أَي: هَذَا كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك.
وَقَوله: ﴿ليدبروا آيَاته﴾ أَي: ليتدبروا ويتفكروا فِي آيَاته، وَقَوله: ﴿وليتذكروا أولو الْأَلْبَاب﴾ أَي: يتَذَكَّر أولو الْعُقُول، قَالَ الْحسن فِي قَوْله: ﴿أولو الْأَلْبَاب﴾ عَاتَبَهُمْ لِأَنَّهُ أحبهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَوَهَبْنَا لداود سُلَيْمَان نعم العَبْد إِنَّه أواب﴾ قد بَينا.