﴿وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء وغواص (٣٧) وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد (٣٨) هَذَا عطاؤنا فَامْنُنْ أَو أمسك بِغَيْر حِسَاب (٣٩) وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب (٤٠) وَاذْكُر﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فسخرنا لَهُ الرّيح تجْرِي بأَمْره رخاء﴾ أَي: لينَة، وَقيل: رخاء مطيعة لَيست بعاصية.
وَقَوله: ﴿حَيْثُ أصَاب﴾ مَعْنَاهُ: حَيْثُ أَرَادَ، وَيُقَال: إِنَّه كَانَ يَغْدُو بإيلياء، ويقيل بقزوين، ويبيت بِبَابِل، وَالْعرب تَقول: أصَاب الصَّوَاب فاخطأ الْجَواب أَي: أَرَادَ الصَّوَاب فَأَخْطَأَ الْجَواب وَقَالَ الشَّاعِر:
(وَغَيرهَا مَا غير النَّاس قبلهَا | فناءت وحاجات الْفُؤَاد تصيبها) |
وَقَوله: ﴿وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء وغواص﴾ أَي: وسخرنا الشَّيَاطِين لَهُ كل بِنَاء وغواص مِنْهُم، وتسخير الرّيح وَالشَّيَاطِين لَهُ بعد ابتلائه بِمَا ذكرنَا.
وَقَوله: ﴿وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد﴾ أَي: مغلولين فِي السلَاسِل، وَكَانَ يَأْخُذ [الشَّيْطَان] فيقربه بالشيطان ويصفدها فِي الْحَدِيد ويوبقهما فِي السلَاسِل ثمَّ يجعلهما فِي صندوق من حَدِيد، ويلقي الصندوق فِي قَعْر الْبَحْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَذَا عطاؤنا﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا وَهُوَ الأولى أَن الْملك عطاؤنا لَك ﴿فَامْنُنْ﴾ أَي: أعْط من شِئْت.
وَقَوله: ﴿أَو امسك﴾ أَي: امْنَعْ من شِئْت ﴿بِغَيْر حِسَاب﴾ أَي: بِغَيْر حرج.
وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿هَذَا عطاؤنا﴾ أَي: تسخير الشَّيَاطِين.
وَقَوله: ﴿فَامْنُنْ أَو أمسك﴾ أَي: أرسل من شِئْت، واحبس من شِئْت.
وَالْقَوْل الثَّالِث: ﴿هَذَا عطاؤنا﴾ أَي: النسْوَة عطاؤنا. وَقَوله: ﴿فَامْنُنْ أَو أمسك﴾ أَي: طلق من شِئْت، واحبس من شِئْت ﴿بِغَيْر حِسَاب﴾ أَي: بِغَيْر حرج،
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب﴾ أَي: حسن مرجع.