﴿إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار (٤٦) وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار (٤٧) وَاذْكُر إِسْمَاعِيل وَالْيَسع وَذَا الكفل وكل من الأخيار (٤٨) هَذَا ذكر وَإِن لِلْمُتقين﴾ فِي الْمعرفَة، وَقيل: أولي الْقُوَّة ظَاهرا، وأولي الْأَبْصَار بَاطِنا، فالقوة قُوَّة الْجَوَارِح، والأبصار أبصار الْقُلُوب، قَالَ الله تَعَالَى ﴿فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا أخلصناكم بخالصة ذكرى الدَّار﴾ وَقُرِئَ: " بخالصة " من غير تَنْوِين، فَأَما بِالتَّنْوِينِ: فَمَعْنَاه: بخلة خَالِصَة، وَهِي ذكرى الدَّار.
وَقيل: إِن ذكرى الدَّار بدل عَن قَوْله: ﴿خَالِصَة﴾ على هَذِه الْقِرَاءَة، وَأما الْقِرَاءَة بِالْإِضَافَة، [فمعناها] : أخلصناهم بِأَفْضَل مَا فِي الْآخِرَة، حكى هَذَا عَن أبي زيد، وَقَالَ مُجَاهِد: أخلصناهم مَا ذكرنَا بِالْجنَّةِ لَهُم.
وَعَن مَالك بن دِينَار قَالَ ابْن عَبَّاس: أزلنا عَن قُلُوبهم حب الدُّنْيَا وَذكرهَا وأخلصناهم بحب الْآخِرَة وَذكرهَا، وَعَن بَعضهم: وأخلصناهم عَن الْآفَات والعاهات، وجعلناهم يذكرُونَ الدَّار الْآخِرَة، وَالْأولَى فِي قَوْله: ﴿أخلصناهم﴾ أَي: جعلناهم مُخلصين بِمَا أخبرنَا عَنْهُم،
وَقَوله: ﴿وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاذْكُر إِسْمَاعِيل وَالْيَسع﴾ إِسْمَاعِيل: هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، وَقَوله: ﴿وَالْيَسع﴾ اليسع: هُوَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء، وَيُقَال: اليسع هُوَ تلميذ إلْيَاس النَّبِي _ عَلَيْهِ السَّلَام _ وَلما رفع الله إلْيَاس _ عَلَيْهِ السَّلَام _ خلف اليسع فِي قومه، وَقَوله: ﴿وَذَا الكفل﴾ قد بَينا، وَيُقَال: إِنَّه رجل كفل لملك بِالْجنَّةِ إِن آمن وأطاع الله تَعَالَى وَقَوله: ﴿وكل من الأخيار﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
[قَوْله تَعَالَى: ﴿هَذَا ذكر وَإِن لِلْمُتقين لحسن مآب﴾ ].