﴿الْعَزِيز الْغفار (٥) خَلقكُم من نفس وَاحِدَة ثمَّ جعل مِنْهَا زَوجهَا وَأنزل لكم من الْأَنْعَام ثَمَانِيَة أَزوَاج يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق فِي ظلمات ثَلَاث ذَلِكُم الله ربكُم لَهُ الْملك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تصرفون (٦) إِن تكفرُوا فَإِن الله غَنِي عَنْكُم وَلَا﴾ خلقنَا، وَفِي بعض التفاسير: أَن الله تَعَالَى خلق الْأَنْعَام فِي سَمَاء الدُّنْيَا [ثمَّ]. أنزلهَا إِلَى الأَرْض، وَهِي ثَمَانِيَة أَزوَاج: جمل وناقة، وثور وبقرة، وكبش ونعجة، وتيس وعنز.
وَفِي تَفْسِير النقاش: أَن الله تَعَالَى أنزل على آدم المعلاة والمطرقة والكلبتين، وَكَانَ على جبل، فَرَأى قَضِيبًا ثَابتا من حَدِيد؛ فَأَخذه وَضرب بِهِ الْأَشْجَار، وَكَانَت يابسة، فتكسرت يَعْنِي: الْأَشْجَار ثمَّ أورى نَارا من الْحَدِيد وَالْحجر، وأوقد بالأشجار على الْحَدِيد حَتَّى ذاب، ثمَّ ضرب مِنْهُ مدية، ثمَّ بعد ذَلِك اتخذ مِنْهُ تنورا، وَهُوَ التَّنور الخابزة، وَذَلِكَ أول مَا اتَّخذهُ آدم.
وَقَوله: ﴿يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق﴾ أَي: نطفا ثمَّ علقا ثمَّ مضغا ثمَّ عظاما.
وَقَوله: ﴿فِي ظلمات ثَلَاث﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: ظلمَة الْبَطن، وظلمة الرَّحِم، وظلمة المشيمة. وَعَن بَعضهم: ظلمَة الصلب، وظلمة الرَّحِم، وظلمة الْبَطن، وَهَذَا لِأَن الْوَلَد يخلق حِين يخلق فِي الرَّحِم، ثمَّ يرْتَفع إِلَى الْبَطن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِكُم الله ربكُم لَهُ الْملك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَأنى تصرفون﴾ أَي: عَن الْحق،
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن تكفرُوا فَإِن الله غَنِي عَنْكُم وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: لَا يرضى لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ الْكفْر.
وَالْآخر: أَنه لَا يرضى لجَمِيع عباده الْكفْر، وعَلى هَذَا القَوْل فرق بَين الْإِرَادَة وَبَين الرِّضَا، فَقَالَ: إِن الْمعاصِي بِإِرَادَة الله تَعَالَى وَلَيْسَت بِرِضَاهُ ومحبته، وَقد نقل هَذَا