﴿الله أعبد مخلصا لَهُ ديني (١٤) فاعبدوا مَا شِئْتُم من دونه قل إِن الخاسرين الَّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة أَلا ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين (١٥) لَهُم من فَوْقهم ظلل من النَّار وَمن تَحْتهم ظلل ذَلِك يخوف الله بِهِ عباده يَا عباد فاتقون (١٦) وَالَّذين اجتنبوا الطاغوت أَن يعبدوها وأنابوا إِلَى الله لَهُم الْبُشْرَى فبشر عباد (١٧) الَّذين﴾
تَعَالَى ﴿قل إِنِّي أَخَاف إِن عصيت رَبِّي عَذَاب يَوْم عَظِيم﴾ أَي: عصيت رَبِّي بالشرك. وَقيل بالشرك وَغَيره، وَيجوز أَن يكون الْخطاب مَعَه، وَالْمرَاد بِهِ الْأمة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل الله أعبد مخلصا لَهُ ديني﴾ أَي: توحيدي،
وَقَوله: ﴿فاعبدوا مَا شِئْتُم من دونه﴾ هَذَا على طَرِيق التهديد والوعيد.
وَقَوله: ﴿قل إِن الخاسرين الَّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: أيش معنى خسران الأهلين؟
قُلْنَا: الْجَواب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه مَا من أحد إِلَّا وباسمه أهل فِي الْجنَّة، فَإِذا كفر وَأدْخل النَّار خسر أَهله على معنى أَنه يُعْطي الَّذِي كَانَ باسمه غَيره.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن خسران النَّفس بإدخاله النَّار، وخسران الْأَهْل بِأَن يفرق بَينه وَبَين أَهله.
وَقَوله: ﴿أَلا ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين﴾ أَي: الْبَين،
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَهُم من فَوْقهم ظلل من النَّار﴾ والظلل: جمع الظلة، والظلة: الْجَبَل، وَالْمرَاد من قَوْله: " ظلل " كَثْرَة الْعَذَاب، وَقَوله: ﴿وَمن تَحْتهم ظلل﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿ذَلِك يخوف الله بِهِ عباده﴾ أَي: يُحَذرهُمْ.
وَقَوله: ﴿يَا عباد فاتقون﴾ أَي: فاحذروا عَذَابي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين اجتنبوا الطاغوت أَن يعبدوها﴾ أَي: الشَّيْطَان، وَيُقَال: الطاغوت اسْم أعجمي، وَقيل: اسْم عَرَبِيّ مُشْتَقّ من الطغيان.
وَقَوله: ﴿وأنابوا إِلَى الله﴾ أَي: رجعُوا إِلَى الله.