﴿الله يهدي بِهِ من يَشَاء وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد (٢٣) أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة وَقيل للظالمين ذوقوا مَا كُنْتُم تكسبون (٢٤) كذب الَّذين من قبلهم فَأَتَاهُم الْعَذَاب من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٢٥) فأذاقهم الله الخزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ولعذاب الْآخِرَة أكبر لَو كَانُوا يعلمُونَ (٢٦) وَلَقَد ضربنا للنَّاس فِي هَذَا الْقُرْآن من كل مثل لَعَلَّهُم يتذكرون (٢٧) قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ (٢٨) ضرب الله﴾ الْمَعْنى: أَن قُلُوبهم تقشعر عِنْد الْخَوْف، وتلين عِنْد الرَّجَاء.
وَقَوله: ﴿ذَلِك هدى الله يهدي بِهِ من يَشَاء﴾ أَي: من يَشَاء من عباده، وَقَوله: ﴿وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد﴾ أَي: من مرشد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه سحب فِي النَّار سحبا على وَجهه.
وَالْقَوْل الآخر: أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سوء الْعَذَاب؛ لِأَن يَد الْكَافِر تكون مغلولة، فيتقي بِوَجْهِهِ الْعَذَاب، كَمَا يَتَّقِي الرجل بِيَدِهِ.
وَقَوله: ﴿وَقيل للظالمين ذوقوا مَا كُنْتُم تكسبون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿كذب الَّذين من قبلهم﴾ أَي: بالقيامة، وَقَوله: ﴿فَأَتَاهُم الْعَذَاب من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أَي: لَا يعلمُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فأذاقهم الله الخزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: الْعَذَاب الَّذِي يخزيهم، وَقَوله: ﴿ولعذاب الْآخِرَة أكبر لَو كَانُوا يعلمُونَ﴾ أَي: عَذَاب الْآخِرَة وَهُوَ عَذَاب النَّار أكبر من كل عَذَاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد ضربنا للنَّاس فِي هَذَا الْقُرْآن من كل مثل﴾ أَي: شبه وَمِثَال، وَقَوله: ﴿لَعَلَّهُم يتذكرون﴾ أَي: يتذكرون مَا فِيهِ من الْأَمْثَال.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج﴾ أَي: أنزلنَا قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج أَي: غير ذِي لبس، قَالَ مُجَاهِد: وَيُقَال: غير مُخْتَلف؛ لِأَن بعضه يصدق الْبَعْض، وروى الْوَالِبِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: غير ذِي عوج أَي: غير مَخْلُوق، وَحكى سُفْيَان بن