﴿وَلَو أَن للَّذين ظلمُوا مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه لافتدوا بِهِ من سوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة وبدا لَهُم من الله مَا لم يَكُونُوا يحتسبون (٤٧) وبدا لَهُم سيئات مَا كسبوا وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون (٤٨) فَإِذا مس الْإِنْسَان ضرّ دَعَانَا ثمَّ إِذا خولناه نعْمَة منا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم بل هِيَ فتْنَة وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (٤٩) قد قَالَهَا الَّذين﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو أَن للَّذين ظلمُوا مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه لافتدوا بِهِ﴾ قد بَينا هَذَا من قبل، وَقد ثَبت عَن النَّبِي: " أَن الله تَعَالَى يَقُول يَوْم الْقِيَامَة للْكَافِرِ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ملْء الأَرْض ذَهَبا، أَكنت مفتديا بهَا؟ فَيَقُول: نعم. فَيَقُول الله تَعَالَى: سَأَلتك أَهْون من ذَلِك وَأَنت فِي صلب أَبِيك أَن لَا تشرك بِي شَيْئا؛ فأبيت إِلَّا أَن تشرك بِي ".
وَقَوله: ﴿من سوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة﴾ أَي: من الْعَذَاب الْقَبِيح والشديد يَوْم الْقِيَامَة، وَقَوله: ﴿وبدا لَهُم من الله مَا لم يَكُونُوا يحتسبون﴾ أَي: ظهر لَهُم من الله مَا لم يأملوه، وَلم يكن فِي حسابهم وظنهم، وروى أَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر جزع عِنْد الْمَوْت؛ فَسئلَ عَن ذَلِك؛ فَقَالَ: أخْشَى أَن يَبْدُو لي من الله مَا لم أحتسب.
وَقَوله: ﴿وبدا لَهُم سيئات مَا كسبوا﴾ أَي: ظهر لَهُم مساوئ أَعْمَالهم. وَقَوله: ﴿وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون﴾ أَي: نزل بهم جَزَاء مَا كَانُوا بِهِ يسخرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا مس الْإِنْسَان ضرّ﴾ أَي: شدَّة وبلية، وَقَوله: ﴿دَعَانَا﴾ أَي: طلب منا كشفه، وَقَوله: ﴿ثمَّ إِذا خولناه نعْمَة منا﴾ أَي: أعطيناه نعْمَة منا.
وَقَوله: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم﴾ أَي: أَعْطيته على علم أَي: لعلمي وجهدي، وَيُقَال: أَعْطيته على علم الله مِنْهُ - جلّ جَلَاله - أَنِّي أهل لما أعطانيه، وَيُقَال: على شرف مني وكرامة لي.
وَقَوله: ﴿بل هِيَ فتْنَة﴾ أَي: اختبار وبلية، وَقَوله: ﴿وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ﴾ أَي: لَا يعلمُونَ أَن مَا نعطي من النِّعْمَة اختبار وبلية.