﴿الغفور الرَّحِيم (٥٣) وأنيبوا إِلَى ربكُم وَأَسْلمُوا لَهُ من قبل أَن يأتيكم الْعَذَاب ثمَّ لَا تنْصرُونَ (٥٤) وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم من قبل أَن يأتيكم الْعَذَاب بَغْتَة﴾
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " لَا تأيسوا من رَحْمَة الله "، وَهُوَ معنى قَوْله: ﴿لَا تقنطوا﴾.
وَقَوله: ﴿إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا إِنَّه هُوَ الغفور الرَّحِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى، قَالَ أهل التَّفْسِير: يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا إِن شَاءَ.
وروى انه لما نزلت هَذِه الْآيَة؛ قَالَ رجل: " يَا رَسُول الله، وَمن أشرك؟ فَسكت النَّبِي، ثمَّ قَالَ: وَمن أشرك؟ قَالَ: إِلَّا من أشرك ".
وروى أَن عبد الله بن مَسْعُود مر بقاص يقص، ويشدد على الْقَوْم فَقَالَ: أَيهَا الرجل، لَا تفعل كَذَلِك، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة: " قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم " الْآيَة.
وروى شهر بن حَوْشَب عَن أَسمَاء بنت يزِيد. " أَن النَّبِي قَرَأَ: " قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي " ذكره أَبُو عِيسَى فِي جَامعه.
قَوْله تَعَالَى ﴿وأنيبوا إِلَى ربكُم﴾ مَعْنَاهُ: وَارْجِعُوا إِلَى ربكُم، وَقَوله: ﴿وَأَسْلمُوا لَهُ﴾ أَي: وَأَخْلصُوا لَهُ، وَيُقَال: واستسلموا لَهُ، وَقَوله: ﴿من قبل أَن يأتيكم الْعَذَاب ثمَّ لَا تنْصرُونَ﴾ أَي: لَا تمْنَعُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم﴾ قد بَينا معنى الْأَحْسَن فِيمَا سبق، وَيُقَال: ﴿وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم﴾ أَي: الْحسن الَّذِي أنزل إِلَيْكُم من ربكُم.