﴿بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ (٦٩) ووفيت كل نفس مَا عملت وَهُوَ أعلم بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠) وسيق الَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم زمرا حَتَّى إِذا جاءوها فتحت أَبْوَابهَا وَقَالَ لَهُم خزنتها ألم﴾
وَقَوله: ﴿وَوضع الْكتاب﴾ المُرَاد من الْكتاب: كتاب الْأَعْمَال. وَعَن عَطاء بن السَّائِب أَنه قَالَ: إِن أول من يُحَاسب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ كَانَ أَمِين الله على جَمِيع وحيه، وروى أَن أول من يُحَاسب الْأَنْبِيَاء، وَثَبت فِي بعض الرِّوَايَات أَن النَّبِي قَالَ: " أول مَا يقْضِي الله تَعَالَى فِيهِ بَين الْخلق هُوَ الدِّمَاء ".
وَقَوله: ﴿وَجِيء بالنبيين وَالشُّهَدَاء﴾ أَي: الَّذين يشْهدُونَ للأنبياء التَّبْلِيغ، وعَلى الْأُمَم بالتكذيب، وَقد بَينا هَذَا من قبل.
وَقَوله: ﴿وَقضى بَينهم بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ، وَقَوله: ﴿وهم لَا يظْلمُونَ﴾ أَي: لَا يُزَاد فِي سيئاتهم، وَلَا ينقص من حسناتهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ووفيت كل نفس مَا عملت وَهُوَ أعلم بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ أَي: يصنعون، وَقد روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي " أَن الله تَعَالَى يَأْمر من يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة: يَا أهل الْجنَّة، إِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا، وَأَن تصحوا فَلَا تسقموا، وَأَن تشبوا فَلَا تهرموا، وَأَن تنعموا فَلَا تبأسوا؛ ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ووفيت كل نفس مَا عملت وَهُوَ أعلم بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وسيق الَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم زمرا﴾ أَي: أَفْوَاجًا زمرة بعد زمرة، وَقَوله: ﴿حَتَّى إِذا جاءوها فتحت أَبْوَابهَا وَقَالَ لَهُم خزنتها ألم يأتكم رسل مِنْكُم يَتلون عَلَيْكُم آيَات ربكُم وينذرونكم لِقَاء يومكم هَذَا﴾ أَي: يخوفونكم.
وَقَوله: ﴿قَالُوا بلَى وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب﴾ هُوَ قَوْله تَعَالَى: {لأملأن جَهَنَّم


الصفحة التالية
Icon