{كَذَلِك وأورثناها بني إِسْرَائِيل (٥٩) فأتبعوهم مشرقين (٦٠) فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون (٦١)
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ﴾ أَي: التقى الْجَمْعَانِ، وَمعنى التلاقي هُوَ أَنه رأى هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاء هَؤُلَاءِ.
وَقَوله: ﴿قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون﴾ بِالتَّشْدِيدِ، وَالْمعْنَى مَا بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ كلا﴾ أَي: ارتدعوا عَن هَذَا القَوْل وَلَا تقولوه، فَإِنَّهُم لَا يدركونكم.
وَقَوله: ﴿إِن معي رَبِّي سيهدين﴾ مَعْنَاهُ: إِن معي رَبِّي بِالْحِفْظِ والنصرة.
وَقَوله: ﴿سيهدين﴾ أَي: يدلني على طَرِيق النجَاة، وَالْهِدَايَة هِيَ الدّلَالَة على طَرِيق النجَاة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فأوحينا إِلَى مُوسَى أَن أضْرب بعصاك الْبَحْر﴾ فِي الْقِصَّة: أَن مُؤمن آل فِرْعَوْن كَانَ قُدَّام بني إِسْرَائِيل، فَقَالَ لمُوسَى: يَا نَبِي الله، أَيْن أَمرك رَبك؟ فَقَالَ: أمامك. قَالَ: يَا نَبِي الله، أَمَامِي الْبَحْر؟ ﴿﴾ قَالَ مُوسَى: وَالله مَا كذبت وَلَا كذبت. وروى أَن يُوشَع بن نون قَالَ لمُوسَى: يَا نَبِي الله، أَيْن أَمرك رَبك؟ قَالَ: الْبَحْر. قَالَ: أقتحمه؟ قَالَ: نعم، فاقتحم الْبَحْر وَمر، فَلَمَّا جَاءَ بَنو إِسْرَائِيل واقتحموا انغمسوا فِي الْبَحْر، وَأوحى الله إِلَى مُوسَى أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر. وروى أَن مُوسَى اقتحم الْبَحْر فَرده التيار، فَقَالَ للبحر: انفرق، فَلم ينفرق، فَأمر الله تَعَالَى أَن يضْربهُ بالعصا فَضَربهُ للمرة الأولى، فأط الْبَحْر، ثمَّ ضربه الثَّانِيَة فأط، ثمَّ ضربه الثَّالِثَة فانفرق، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿فانفلق﴾.
وَقَوله: ﴿فَكَانَ كل فرق﴾ أَي: فلق، وَالْفرق والفلق وَاحِد.
وَقَوله: ﴿كالطود الْعَظِيم﴾ أَي: الْجَبَل الْعَظِيم، قَالَ الشَّاعِر:
(حلوا بأبقرة تسيل عَلَيْهِم | مَاء الْفُرَات يَجِيء من أطواد) |