{ويسقين (٧٩) وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفين (٨٠) وَالَّذِي يميتني ثمَّ يحيين (٨١) وَالَّذِي أطمع أَن يفغر لي خطيئتي يَوْم الدّين (٨٢) رب هَب لي حكما وألحقني بالصالحين (٨٣) وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين (٨٤) واجعلني من وَرَثَة جنَّة النَّعيم (٨٥)
وَقَوله: ﴿وَالَّذِي يميتني﴾ يَعْنِي: يميتني فِي الدُّنْيَا، [و] يحييني فِي الْآخِرَة. وَقَالَ بعض أَصْحَاب الخواطر: يميتني بِرُؤْيَة الْخلق، ويحييني بِشَهَادَة الْحق، وَقيل: يميتني بالمعصية ويحييني بِالطَّاعَةِ.
وَقَوله: ﴿وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين﴾ أَي: أَرْجُو أَن يغْفر لي خطاياي، وخطاياه مَا ذكرنَا من كذباته الثَّلَاث، وَاعْلَم أَن الْأَنْبِيَاء معصومون من الْكَبَائِر، فَأَما الْخَطَايَا والصغائر تجوز عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿يَوْم الدّين﴾ أَي: يَوْم الْحساب، وَذكر مُسلم فِي الصَّحِيح براوية عَائِشَة " أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله، إِن عبد الله بن جدعَان كَانَ يقري الضَّيْف، وَيحمل الْكل، وَذكرت أَشْيَاء من أَعمال الْخَيْر، أهوَ فِي الْجنَّة أم فِي النَّار؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " هُوَ فِي النَّار، إِنَّه لم يقل يَوْمًا: رب اغْفِر لي خطيئتي يَوْم الدّين ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿رب هَب لي حكما﴾ أَي: الْعلم والفهم، وَقيل: إِصَابَة الْحق.
وَقَوله: ﴿وألحقني بالصالحين﴾ أَي: من الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ.
وَقَوله: ﴿وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين﴾ أَي: ثَنَاء حسنا إِلَى قيام السَّاعَة، وَيُقَال: إِن المُرَاد مِنْهُ تولي جَمِيع أهل الْأَدْيَان لَهُ، وَقبُول كل النَّاس إِيَّاه، وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُ: اجْعَل فِي ذريتي من يقوم بِالْحَقِّ إِلَى قيام السَّاعَة.
وَقَوله: ﴿واجعلني من وَرَثَة جنَّة النَّعيم﴾ أَي: مِمَّن تعطيه جنَّة النَّعيم.