{واغفر لأبي إِنَّه كَانَ من الضَّالّين (٨٦) وَلَا تخزني يَوْم يبعثون (٨٧) يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون (٨٨) إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم (٨٩) وأزلفت الْجنَّة لِلْمُتقين (٩٠) وبرزت الْجَحِيم للغاوين (٩١) وَقيل لَهُم أَيْن مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ (٩٢) من دون الله هَل ينصرونكم أَو ينتصرون (٩٣) فكبكبوا فِيهَا هُوَ والغاوون (٩٤) وجنود إِبْلِيس
وَقَوله: ﴿واغفر لأبي إِنَّه كَانَ من الضَّالّين﴾ قَالَ أهل الْعلم: هَذَا قبل أَن يتبرأ مِنْهُ، ويستقين أَنه عَدو لله، على مَا ذَكرْنَاهُ فِي سُورَة التَّوْبَة، وَقَالَ بَعضهم: واغفر لأبي أَي: جِنَايَته على، كَأَنَّهُ أسقط حَقه وَعَفا عَنهُ.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: أَن إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - يتَعَلَّق بِأَبِيهِ يَوْم الْقِيَامَة، وَيَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، وأنجز لي مَا وَعَدتنِي، فيحول الله صُورَة أَبِيه إِلَى صُورَة ذبح، هُوَ ضبيع قَبِيح، فَإِذا رَآهُ إِبْرَاهِيم تَركه، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِأبي.
وَقَوله: ﴿وَلَا تخزني يَوْم يبعثون﴾ أَي: لَا تفضحني، وَذَلِكَ بِأَن لَا يغْفر خطيئته، وكل من لم يغْفر لَهُ الله فقد أَخْزَاهُ.
وَقَوله ﴿يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم﴾ قَالَ أَكثر أهل الْعلم: سليم من الشّرك، فَإِن الْآدَمِيّ لَا يَخْلُو من ذَنْب، وَقيل: مخلص، وَقيل: نَاصح، وَقيل: قلب فِيهِ لَا إِلَه إِلَّا الله.
وَقَوله: ﴿وأزلفت الْجنَّة لِلْمُتقين﴾ أَي: قربت، وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " الْجنَّة أقرب إِلَى أحدكُم من شِرَاك نَعله، وَالنَّار مثل ذَلِك ".
وَقَوله: ﴿وبرزت الْجَحِيم﴾ أَي: أظهرت الْجَحِيم.
﴿للغاوين﴾ أَي: للْكَافِرِينَ، والغاوي من وَقع فِي خيبة لَا رَجَاء فِيهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقيل لَهُم أَيْن مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ من دون الله هَل ينصرونكم﴾ أَي: يمْنَعُونَ الْعَذَاب عَنْكُم.