{لَا يخَاف لدي المُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا من ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء فَإِنِّي غَفُور رَحِيم (١١) وَأدْخل يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء فِي تسع آيَات إِلَى أَن يَخْلُو أحد مِنْهُ، فَأَما هَذَا الْخَوْف من الْعقُوبَة على الْكفْر والكبائر، وَالله تَعَالَى قد عصم الْأَنْبِيَاء من الْكفْر والكبائر.
وَقَوله: ﴿إِلَّا من ظلم﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: وَلَا من ظلم ﴿ثمَّ بدل حسنا بعد سوء﴾ أَي: تَابَ وَنَدم، وَهَذَا القَوْل ضَعِيف عِنْد أهل النَّحْو، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى الْآيَة: إِنِّي لَا يخَاف لَدَى المُرْسَلُونَ وَإِنَّمَا يخَاف غير الْمُرْسلين، إِلَّا من ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء فَإِنَّهُ لَا يخَاف، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الِاسْتِثْنَاء هَا هُنَا مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: لَكِن من ظلم فخاف فَإِن بدل حسنا بعد سوء فَإِنَّهُ لَا يخَاف. وَفِي بعض التفاسير: أَن المُرَاد بقوله: ﴿إِلَّا من ظلم﴾ هُوَ مُوسَى بقتْله القبطي، وَأما تبديله الْحسن بعد السوء تَوْبَته وندامته، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأدْخل يَديك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء﴾ قد بَينا، وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا كَانَت تلألأ مثل الْبَرْق.
وَقَوله: ﴿فِي تسع آيَات﴾ أَي: مَعَ تسع آيَات، وَقيل: من تسع آيَات، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

[وَهل] ينعمن من كَانَ آخر عَهده [ثَلَاثِينَ] شهرا فِي ثَلَاثَة أَحْوَال
أَي: من ثَلَاثَة أَحْوَال.
وَقَوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين﴾ أَي: خَارِجين من الطَّاعَة.


الصفحة التالية
Icon