{فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ (٢٨) قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم (٢٩) إِنَّه من سُلَيْمَان
قَالُوا: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَمَعْنَاهُ: ألقه إِلَيْهِم فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ ثمَّ تول عَنْهُم، وَقيل مَعْنَاهُ: تول عَنْهُم أَي: تَنَح عَنْهُم ثمَّ أنظر مَاذَا يرجعُونَ. قَالَ بَعضهم: علم الهدهد أدب الدُّخُول على الْمُلُوك يَعْنِي: إِذا دخل الدَّاخِل على الْملك يَنْبَغِي أَن لَا يقف، بل يذهب فِي الْحَال ثمَّ يرجع وَيطْلب الْجَواب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ﴾ فِي الْآيَة حذف، وَهُوَ أَن الهدهد ذهب وَحمل الْكتاب، وَفِي الْقِصَّة: أَنه دخل عَلَيْهَا من جِهَة الكوة، وَكَانَت هِيَ فِي خلْوَة مستلقية على سريرها، فَطرح الْكتاب على صدرها، وَقيل: كَانَت نَائِمَة فَوَضعه بجنبها، وَيُقَال: ذهب بِالْكتاب وَطَرحه على حجرها، فِي مَلأ من النَّاس، وَأما الْمَلأ فهم أَشْرَاف الْقَوْم وكبراؤهم. وَيُقَال: كَانَ لَهَا ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر قائدا، كل قَائِد على اثْنَي عشر ألفا، وَيُقَال: كَانَ لَهَا اثْنَا عشر ألف قَائِد، كل قَائِد على ألف رجل.
وَقَوله: ﴿إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم﴾ أَي: حسن، وَيُقَال: مختوم. وَفِي الْأَخْبَار عَن النَّبِي بِرِوَايَة ابْن عَبَّاس: " من كَرَامَة الْكتاب خَتمه "، وَالْقَوْل الثَّالِث: كتاب كريم أَي: كريم كَاتبه ومرسله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّه من سُلَيْمَان﴾ فِي التَّفْسِير: أَن سُلَيْمَان كَانَ قد كتب: من عبد الله سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَى بلقيس بنت شرَاحِيل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم


الصفحة التالية
Icon