﴿عِنْد رَبك لِلْمُتقين (٣٥) وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين (٣٦) وَإِنَّهُم ليصدونهم عَن السَّبِيل وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون (٣٧) ﴾
وَقَوله: ﴿وَالْآخِرَة عِنْد رَبك لِلْمُتقين﴾ أَي: لِلْمُتقين من الشّرك والمعاصي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن﴾ قَالَ قَتَادَة: يعرض. وَمِنْه قَوْلهم: فلَان يعشو أَي: يمشي ببصر ضَعِيف. [يُقَال] : عشا يعشو إِذا ضعف بَصَره، وعشى يعشي إِذا عمى بَصَره، وَمِنْه الْأَعْشَى. وَفِي الحَدِيث أَن سعيد بن الْمسيب ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَجعل يعشو بِالْأُخْرَى أَي: يبصر بصرا ضَعِيفا. وَقُرِئَ: " يَعش " بِنصب الشين أَي: يعمى. وَيُقَال فِي معنى قَوْله: ﴿يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن﴾ أَي: يذهب عَن ذكره؛ فيسير فِي ظلمَة وخبط عَن جَهَالَة.
وَقَوله: ﴿نقيض لَهُ شَيْطَانا﴾ أَي: نوكل بِهِ شَيْطَانا. وَيُقَال: نلقيه شَيْطَانا. وَفِي التَّفْسِير: أَن الْكَافِر إِذا خرج من الْقَبْر لقِيه شَيْطَان، فَأدْخل يَده فِي يَده، وَلَا يزَال مَعَه حَتَّى يصير إِلَى النَّار، وَالْمُؤمن إِذا خرج من قَبره يلقاه ملك، فَيدْخل يَده فِي يَده، فَلَا يزَال مَعَه حَتَّى يصير إِلَى الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿فَهُوَ لَهُ قرين﴾ أَي: مُقَارن. وَيُقَال: يجعلان فِي سلسلة وَاحِدَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُم ليصدونهم عَن السَّبِيل﴾ أَي: الشَّيَاطِين يصدونهم عَن طَرِيق الْحق.
وَقَوله: ﴿وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون﴾ أَي: الْكفَّار يحسبون أَنهم مهتدون بإرشاد الشَّيَاطِين.
وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي قَالَ: " عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار، فَأَكْثرُوا مِنْهَا فَإِن إِبْلِيس قَالَ: أهلكت بني آدم بِالذنُوبِ،