﴿أفأنت تسمع الصم أَو تهدي الْعمي وَمن كَانَ فِي ضلال مُبين (٤٠) فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون (٤١) أَو نرينك الَّذِي وعدناهم فَإنَّا عَلَيْهِم مقتدرون (٤٢) فَاسْتَمْسك﴾ تَعَالَى مَنعهم التأسي بِمَا يسهل على الْإِنْسَان الْمُصِيبَة والعقوبة، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ فِي مُصِيبَة فَرَأى غَيره فِي مثلهَا سهل عَلَيْهِ. والتأسي [التسلي]. قَالَت الخنساء فِي أَخِيهَا صَخْر:
(وَلَوْلَا كَثْرَة الباكين حَولي | على إخْوَانهمْ لقتلت نَفسِي) |
(وَمَا يَبْكُونَ مثل أخي وَلَكِن | أعزي النَّفس [عَنهُ] بالتأسي) |
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أفأنت تسمع الصم أَو تهدي الْعمي وَمن كَانَ فِي ضلال مُبين﴾ أَي: لَا تسمع وَلَا تهدي.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا مَعْنَاهُ: فَإِنَّمَا نخرجنك من مَكَّة، فَإنَّا منتقمون مِنْهُم يَوْم بدر بِالْقَتْلِ والأسر.
وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿فإمَّا نذهبن بك﴾ يَعْنِي: بالوفاة، فَإنَّا منتقمون مِنْهُم بعْدك، وَيُقَال: يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو نرينك الَّذِي وعدناهم﴾ قَالَ السدى: هَذَا فِي الْمُشْركين. وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة: هَذَا فِي أمته. " وروى أَن النَّبِي أرى فِي أمته بعض مَا يصيرون إِلَيْهِ، فَمَا رُؤِيَ ضَاحِكا نشيطا بعد ذَلِك إِلَى أَن فَارق الدُّنْيَا ".
وَفِي بعض التفاسير: أَنه مَا من نَبِي إِلَّا وأري النقمَة فِي أمته إِلَّا نَبينَا، فَإِن الله تَعَالَى لم يره النقمَة فِي أمته، وَقد كَانَ فِي أمته من النقمات، وَيكون إِلَى قيام السَّاعَة.
وَقَوله: ﴿فَإنَّا عَلَيْهِم مقتدرون﴾ أَي: قادرون.
الصفحة التالية