﴿بِمَا عهد عنْدك إننا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كشفنا عَنْهُم الْعَذَاب إِذْ هم ينكثون (٥٠) ونادى فِرْعَوْن فى قومه قَالَ يَا قوم أَلَيْسَ لي ملك مصر وَهَذِه الْأَنْهَار تجْرِي من تحتي﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا كشفنا عَنْهُم الْعَذَاب إِذْ هم ينكثون﴾ أَي: ينقضون الْعَهْد، وَلَا يَقُولُونَ بقَوْلهمْ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ونادى فِرْعَوْن فِي قومه قَالَ يَا قوم أَلَيْسَ لي ملك مصر﴾ قَالَ بَعضهم: كَانَ ملكه أَرْبَعِينَ فرسخا فِي أَرْبَعِينَ. وَقَالَ بَعضهم: مسيرَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
وَقَوله: ﴿وَهَذِه الْأَنْهَار تجْرِي من تحتي﴾ أَي: من تَحت قصري، وَقَالَ قَتَادَة: بَين يَدي. وَفِي تفسيرالنقاش: أَنه كَانَ فِي زمَان فِرْعَوْن خَمْسَة أَنهَار بِمصْر اندرست من بعد، وَلم يبْق مِنْهَا شَيْء. وَفِي هَذَا التَّفْسِير أَيْضا: أَنه كَانَ بِمصْر سبع خلج الَّتِي وَاحِدهَا خليج، واندرست من بعد، وَكَانَ فِرْعَوْن يركب من فَيوم إِلَى دمياط والإسكندرية فَلَا يسير إِلَّا تَحت الْأَشْجَار ملتفة وأنهار جَارِيَة.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " رَأَيْت لَيْلَة الْمِعْرَاج سِدْرَة الْمُنْتَهى وَإِذا يخرج من أَصْلهَا أَرْبَعَة أَنهَار: نهران باطنان، ونهران ظاهران قَالَ: فَسَأَلت جِبْرِيل عَن الْأَنْهَار فَقَالَ: أما الباطنان فَفِي الْجنَّة، وَأما الظاهران فالنيل والفرات ".
وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ: إِن الله تَعَالَى يغذي النّيل بِجَمِيعِ الْأَنْهَار من بَين الْمشرق وَالْمغْرب، وَذَلِكَ عِنْد زِيَادَته إِلَى أَن تَنْتَهِي الزِّيَادَة مُنْتَهَاهَا، ثمَّ يرجع إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿أَفلا تبصرون﴾ يَعْنِي: أَفلا ترَوْنَ. وَفِي بعض التفاسير: أَن معنى الْأَنْهَار فِي هَذِه الْآيَة هِيَ الْأَمْوَال، وسماها أَنهَار لكثرتها وظهورها.
وَقَوله: ﴿تجْرِي من تحتي﴾ أَي: أفرقها على من شِئْت. قَالُوا: وَإِظْهَار التَّرْغِيب


الصفحة التالية
Icon