﴿أَفلا تبصرون (٥١) أم أَنا خير من هَذَا الَّذِي هُوَ مهين وَلَا يكَاد يبين (٥٢) فلولا ألقِي عَلَيْهِ أسورة من ذهب أَو جَاءَ مَعَه الْمَلَائِكَة مقترين (٥٣) ﴾ وَالْقُدْرَة فِي هَذَا أكبر مِنْهُ فِي الْأَنْهَار، ذكره الْمَاوَرْدِيّ أَبُو الْحسن القَاضِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم أَنا خير من هَذَا الَّذِي هُوَ مهين﴾ قَالَ بَعضهم قَوْله: ﴿أم﴾ مُتَّصِل بِمَا قبله، وَمَعْنَاهُ: أَفلا تبصرون أم تبصرون. وَقيل: أم أَنْتُم بصراء وَتمّ الْكَلَام على هَذَا، ثمَّ ابْتِدَاء قَوْله: ﴿أَنا خير﴾ وَهَذَا محكي عَن الْخَلِيل وسيبويه، وَقَالَ بَعضهم: " أم " صلَة زَائِدَة، وَالْكَلَام فِي قَوْله: ﴿أَنا خير من هَذَا الَّذِي هُوَ مهين﴾ وَفِي بعض الْقرَاءَات: (أَنا خير) على التفخميم.
وَقَوله: ﴿من هَذَا الَّذِي هُوَ مهين﴾ أَي: ضَعِيف حقير.
وَقَوله: ﴿وَلَا يكَاد يبين﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: إِنَّمَا قَالَ هَذَا للثغة الَّتِي كَانَت فِي لِسَانه، وَذَلِكَ بِمَا كَانَ بَقِي فِي لِسَانه من الْعقْدَة بإلقائه الْجَمْرَة فِي فِيهِ. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه كَانَ بِلِسَانِهِ لَا يُمكنهُ تَبْيِين الْكَلَام غَايَة الْبَيَان، وأنشدوا فِيمَا ذكرنَا من قَوْله: ﴿أم﴾ قَول الشَّاعِر:

(فيا ظَبْيَة الوغا بَين خلاخل وَبَين النقا أَنْت أم سَالم)
مَعْنَاهُ: أَنْت أحسن أم سَالم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فلولا ألقِي عَلَيْهِ أساورة من ذهب﴾ وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " أساور من ذهب " وَفِي الْقِصَّة: أَنهم كَانُوا إِذا سوروا [رجلا] سوروه بِسوار من ذهب فِي يَده، وطوقوه بطوق من ذهب فِي عُنُقه. وَالْمرَاد من الْآيَة أَنهم قَالُوا: وَلَو كَانَ مُوسَى نَبيا فَهَلا سوره الله سوارا، أَو طوقه بطوق، أَو بعث مَعَه لملائكة أعوانا لَهُ على أمره، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿أَو جَاءَ مَعَه الْمَلَائِكَة مقترنين﴾ أَي: مُتَتَابعين يتب بَعضهم بَعْضًا.


الصفحة التالية
Icon