﴿بِدُخَان مُبين (١٠) يغشى النَّاس هَذَا عَذَاب أَلِيم (١١) رَبنَا اكشف عَنَّا الْعَذَاب إِنَّا مُؤمنُونَ (١٢) أَنى لَهُم الذكرى وَقد جَاءَهُم رَسُول مُبين (١٣) ﴾ الشَّديد، وأجدبت الأَرْض حَتَّى أكلت الْعِظَام وَالْمَيتَات، وَكَانَ الرجل مِنْهُم ينظر إِلَى السَّمَاء فَيرى بَينه وَبَين السَّمَاء شبه الدُّخان من الْجُوع، فروى " أَن أَبَا سُفْيَان قدم على النَّبِي، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد دَعَوْت على قَوْمك يَعْنِي قُريْشًا وَإِنَّمَا هم إخوانك وأعمامك وأمهاتك وخالاتك فَادع لَهُم فَدَعَا لَهُم حَتَّى سقوا ".
وروى أَنه بعث مَعَه بِذَهَب إِلَى فُقَرَاء مَكَّة حَتَّى قسمه فيهم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الدُّخان يكون فِي الْقِيَامَة، وَهَذَا قَول الْحسن وَقَتَادَة، وَقيل: هُوَ الْأَصَح. وَفِي التَّفْسِير: أَن النَّاس يَوْم الْقِيَامَة يَأْخُذهُمْ شبه دُخان، فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فيصيبهم مثل الزُّكَام، وَأما الْكَافِرُونَ فَيدْخل الدُّخان فِي مسامعهم وأنوفهم، وَتصير رؤوسهم مثل الجنابذ، وَقيل: إِن الدُّخان شَرط من أَشْرَاط السَّاعَة، وَفِي بعض الْأَخْبَار: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَالدُّخَان، وَالدَّابَّة، والدجال، وخاصة الرجل فِي نَفسه، وَأمر الْعَامَّة " وَمعنى خَاصَّة الرجل هُوَ الْمَوْت، وَمعنى أَمر الْعَامَّة هُوَ الْقِيَامَة. وَكَانَ ابْن مَسْعُود يَقُول: قد مضى خمس: الدُّخان، وَالدَّم، وَالْقَمَر، وَالْبَطْشَة، وَاللزَام.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يغشى النَّاس هَذَا عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: مؤلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا اكشف عَنَّا الْعَذَاب إِنَّا مُؤمنُونَ﴾ أَي: مصدقون بِمُحَمد إِن كشفت، وَهُوَ حِكَايَة عَن الْكَافرين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنى لَهُم الذكرى وَقد جَاءَهُم رَسُول مُبين﴾ مَعْنَاهُ: التَّذْكِرَة